السبت، سبتمبر 06، 2008

ردا على جوحي ..وتصريحاته ..انتم عملاء بامتياز ولن تنجو بفعلتك !!

طالعت باستغراب تصريحات المدعو (القاضي رائد جوحي حمادي ألسعيدي،) والمكلف بإدارة مرحلة من مراحل مهزلة العصر كرئيس للمحكمة المختصة المكلفة بالتحقيق مع الشهيد صدام حسين ..
وخاصة ما حاول إن يطليه على السذج من العقول عندما قال (إنني كنت أفكر كيف أؤسس قاعدة قانون جديدة في العراق ) أي قانون يا جوحي ما تحاول إن تؤسس له ..هل هو قانون الغابة ؟ أم قانون الرأسمالية التي أتت بك لتتربع على مسيرة سوداء للقضاء العراقي ..مع احترامنا للقضاء العراقي الأصيل الذي نشأ مع فكر مقدس واحترام لحرية وكرامة الإنسان ..أم قانون بلاك ووتر الذي يبيح القتل والسحل في الشوارع ..ومن أنت لتؤسس للدولة العراقية قانونا ؟!

ان ما قمتم به وصمة عار لن تنجوا منها ..ولن يرحمكم تأريخكم المهني لفعلها ..لأنكم قتلتم من كان المحتل يفرض عليكم قتله ..كذبت عندما قلت (إن المجلس القضائي العراقي ورئيس مكتب "الاحتلال" الأمريكي بول بريمر طلبا مني المساعدة في قضية صدام حسين وإعطائهم النصائح بشأن كيفية الملاحقة القانونية ) أن المحتلين وخاصة اللص (بريمر ) أشار عليكم بالمساعدة في إجراءات المحكمة وانتم تلهفتم لأي شيء يحقق ما تصبوا إليه وترضي به طموحك المريض ..لأنك عبد وهل يقوى العبد إن يخالف أمر سيده ؟

عندما تود الحديث عن النزاهة عليك أن تظهر مذكرة قانونية لاعتقال الرئيس تكون صادره من القضاء العراقي وليس رغبات ونوازع الشر التي فرضت عليك وعلى الموسوي والتي أسهمت بتسهيل مهامكم .

ان الرئيس صدام حسين الذين تتباهون بقتله وراءه رجال سيدفعكم ثمن فعلكم هذا ..مثلما دفع المحتلين ثمن خيانة العراقيين واحتلال بلدهم ..أم انك ستطل علينا لتقول أن الأمريكان قد أتوا بالحرية لك ولأمثالك القزم ..أني أتعجب لقلة حياء من يرى أن الأكاذيب القانونية التي استندت عليها المحكمة أصولية !! في وقت أن العراقيين حتى من تقاطع مع الرئيس الشهيد يرى أن إجراءات المحكمة وطبيعة أداءها كانت مهزلة تاريخية .

يا جوحي أن أمرك ليس بيدك ولم تكن وطنيا في يوم من الأيام ..هل تجد الوطنيين يهربون إلى بريطانيا طلبا للجوء السياسي عندما يقومون بعمل وطني أصيل يتشرفون به .ومن متى أصبحت بريطانيا ملاذا للوطنيين !!..هل نسيت التأريخ وكيف احتلت بريطانيا بلدك يوما من الأيام؟!

عندما تتحدث (إن محاكمة صدام كانت نقطة تحوّل بالنسبة للعراقيين في نظرتهم إلي نظامهم القضائي بعدما كانوا لعقود طويلة عرضة للرعب بسبب المحاكم الغامضة والسرية).عليك أن تعرف ان ليس هناك أكثر غموضا من نصوص قانون بريمر وقانون تلك المحكمة المهزلة وأتحداك ان تنشر نص لتلك المحكمة يظهر أسس عراقية لتطبيق القانون أو أن تكون مستمده من رحم قانون عراقي ؟

ثم الم تخجل من كلمة (المحاكمة أرست الأرضية لفلسفة جديدة بالنسبة للعراقيين، وهي احترام حقوق الإنسان وحق المشتبه بهم بالحصول علي محاكمة عادلة بغض النظر عمن يكون أو وحشية الجريمة التي ارتكبها (.

أي فلسفة تتغنى بها وأي احترام لحقوق الإنسان هل الفلسفة هي أن ترضخ لرغبات المستعمر حتى وان أراد القضاء على رمز وطني ..وربما تقول من وجهة نضر البعثيين هذا ..طيب

هل ترى أن التصفية التي حصلت في الشارع العراقي لكل الرموز الوطنيين والقادة السابقين والشيوخ هي نتاج تلك الفلسفة التي ترحب بها ويسرك الحديث عنها ...ام هل ترى ان حقوق الإنسان تعني أن يقبع في بوكا وأبي غريب مئات الآلاف دون جرم سوى أنهم قاتلوا محتل لبلدهم أو لأنهم رفضوا أن يكونوا جوحي جديد !!

وأين هي حقوق الإنسان ..وأين نحن من تلك الحقوق ..أذا كانت بقايا من ضمير عليك أن تطلب من أسيادك الرحيل عن أبواب محكمتك المبجلة قبل أن ترى نفسك كما رأى نفسه الموسوي عندما نقل للبصرة بعد انتهاء المهزلة كعقوبة أدرك انه قد وقع فيها وأصبح حاله حال من حاول ان يعاقبه ..ولكن من طالته أيديكم الملوثة كان أنبل منكم وأكثر وطنية !! لا مصير للعملاء والكذابين ومطايا المحتل ..لأنكم أوراق يمكن حرقها في أي لحضه تنتفي الحاجة لها دائما !!

عندما نود أن نتكلم بإطار قانوني علينا أن نستخدم لغة القانون ..أنت تقول انك أثرت غضب الرئيس من اجل أن تحصل على اعتراف !! وهذا نص كلامك (حاولت إثارة غضبه طارحاً عليه سؤال "عادة هل يمكن لقائد فرقة عسكرية إصدار أوامر باستخدام أسلحة كيميائية؟(". هل ترى انك تمارس مهنية حقيقية ام انك تحاول ان تصل النقطة المرسومة لك من قبل أسيادك!! .

ولكنك وهذا من عدالة السماء التي تفضح زيف الكذب وقعت بلسانك وتصورت انك حصلت على ما تتبجح انه لك ولا تجيره لغيرك عندما قلت (استشاط صدام غضباً وقال لا. مستحيل. لا يمكن لأحد إطلاق قنبلة أو تحريك قطعة عسكرية من دون أوامري. هذا الأمر امتياز لي لن أتخلي عنه( ". هل تعرف طبيعة جواب الرئيس أم انك مغفل ...أم أنساك حقدك الدفين ..

لقد إصر الرئيس إن ينقل لك ولغيرك انه هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ووسام نبله يحتمل أي خطأ يقع غيره به إن كان هناك خطأ وليس من أخلاق الرئيس إن يلقي اللائمة على رفاقه ...ويكفيه انه اضحك العالم برمته على مهزلتكم التاريخية ..واستطاع رغم القيد والأفواه النتنة أن يصدح بالحق في زمن الرذيلة الذي تربعت أنت وأمثالك عليه ..حري بك أن تروي شهادة تصف الشهيد بأنه إنسان تفرد بنيله وأخلاقه ومعدنه إمام جوقة رذيلة انساقت وفق رغبات المطامح الشخصية متناسين أوجاع بلدهم وكرامة شعبهم ..

تحدثت مطولا عن الحرية والعدالة ولكن هل تستطيع أن تمنحها لأي مواطن ألان ؟ وهل تستطيع ان تحاكم بريمر لمليارات بلدك التي سرقتها أم هل تمتلك الجرأة القانونية التي تتغنى بها حديثا إن تقول لطالباني لماذا تتجاوز رغبة البرلمان بأجراء الانتخابات واستثناء كركوك من تلك الانتخابات واعتراضه عليها في موقف طائفي لأنه كردي أعماه قانونك انه رئيس للدولة وليس للإقليم ....وهل تستطيع أن تقول للمالكي افتح صفحات المذابح التي اقترفها الصدر والحكيم وشهبوري وغيرهم ...وهل تستطيع أن تفرض قانونك على بلاك ووتر التي ذبحت المئات من العراقيين انك يا فيلسوف العصر ...حالم وواهم بأنك تطبق قانون جديد فلا جديد مع المحتل سوى مفردات عليك قسرا وضربا أن تنفذها .

أذا من كلمة أخيره أرى انك تقبض ثمنا معروف لما فعلت فمعهد السلام في واشنطن بعدما تسكعت في نيويورك أيار/ مايو 2007 في إطار منحة تدريبية لدي كلية الحقوق في جامعة كورنيل ومئات ألاف من الدولارات ثمن الرذيلة التي تتغنى بفلسفتها ألحديثه ..لن نعشق تلك الفلسفة ولن نرتضي الرحيل عن الوطن سوى رحيل يليق بنا شهداء كما رحل المناضل والرئيس الشهيد صدام حسين أخر الرؤساء التاريخيين العرب..

ولكنك ستدفع الثمن ..ولن تنجو بفعلتك ؟!!



Saadon_shehan@yahoo.com

قضية الحرب والوفاق في الشرق الأوسط


د. غازي فيصل حسين
صحيفة " ألشمس " ، طرابلس 07/08/2008
http://www.alshames.com/Pages/maqalat/index1.html

نفذت إسرائيل تدريبات عسكرية واسعة ، انتهت بإقدامها على إجراء مناورة عسكرية قي يونيو 2008 ، اشتملت تنفيذ هجمات جوية على مواقع نووية إيرانية افتراضية في السواحل اليونانية ، شاركت فيها أكثر من مئة طائرة من طراز (أف 16) و (أف 15) ، إضافة إلى مروحيات وطائرات تزويد الوقود في الجو. وقد علق الناطق الرسمي باسم (البنتاغون) على هذه التدريبات بالقول: إنها مجرد رسالة لأميركا والدول الأوروبية ، بأن إسرائيل جادة في القيام بعمل عسكري في حال فشل الجهود الدبلوماسية. ووصف الرئيس محمود أحمدي نجاد هذه العملية: "بأنها دليل يأس وإحباط ، مؤكداً أن إيران على استعداد تام لقطع كل يد تحاول الإساءة إليها" ، مع أن طهران لا تلغي من حساباتها احتمال قيام إسرائيل بتنفيذ تهديداتها إذا اكتشفت أن برنامج إيران السلمي سيتحول إلى برنامج للسلاح النووي.

وبغية إعطاء فرصة للجهود الدبلوماسية ، قام المنسق الأعلى للسياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي خافيير سولانا ، بزيارة طهران في 14 يونيو 2008 ، لتسليم وزير الخارجية منوشهر متقي حزمة مجموعة 5+1 لحث الحكومة الإيرانية على الاستجابة للمطالب الدولية بوقف تخصيب اليورانيوم ، خلال فترة زمنية محدودة بين ثلاثة و ستة أشهر لمنح الوقت للتفاوض. وكشفت المصادر المطلعة أنه في حال تجميد طهران تخصيب اليورانيوم ستحصل على تعهدات دولية بتزويدها بالوقود النووي لتوليد الطاقة الكهربائية بالإضافة إلى مساعدتها في الحصول على أحدث التقنيات لتطوير الطاقة النووية السلمية. وأعرب رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية غلام رضا آفازاده عن" ثقته بإمكان التوفيق بين عرض الحوافز الذي قدمته الدول الست الكبرى والاقتراحات الإيرانية" ، Bildunterschrift: وكان متقي أشار: إلى أن مزيجا من الحزمة الإيرانية وحزمة مجموعة 5+1 قد يؤدي إلى إحراز بعض التقدم دون أن يعطي تفاصيل حول ملامح هذا المزيج.

ومن المعروف أن الحزمة التي سبق وأن قدمتها إيران ، تتناول عدداَ من الموضوعات المتعلقة بمعالجة الأزمات الدولية ، لكنها لم تشير إلى موقف طهران من المطلب الدولي الرئيسي الذي يشدد على تعليق عمليات التخصيب. من جانبه قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية غلام حسين للصحفيين: " أن تلك الحزمة الأوروبية لن تكون محل نقاش على الإطلاق إن تضمنت نقطة تعليق أنشطة تخصيب اليورانيوم " ، كما أكد: أن "رأي إيران واضح، وهو أن أي شرط مسبق غير مقبول" ، وأضاف: أن كل ما تفعله إيران هو التمسك بحقها كدولة موقعة على اتفاقية حظر الانتشار النووي، ولذا تتوقع أن يعاملها الغرب باحترام وليس بالتهديد والإنذارات". وأعرب الرئيس جورج بوش عن "خيبة أمله" إزاء رفض إيران للحوافز التي قدمها لها الاتحاد الأوروبي لوقف برنامجها النووي ، وكان الرئيس الأميركي صرح في جولته الأوروبية الحالية بأن "كل الخيارات مطروحة على الطاولة" ، في إشارة إلى إمكانية اللجوء للخيار العسكري لوقف البرنامج الإيراني النووي.

إن السؤال الجوهري المطروح اليوم يتعلق بمدى إمكانية وجدية إسرائيل في قصف منشآت إيران النووية؟ حول هذا الموضوع وضح الخبير العسكري الإسرائيلي مارتن فان كريفيلد: إن نجاح أي عملية بهذا الحجم يستدعي معرفة البرنامج النووي الإيراني بكامل تفاصيله: ما هي مكوناته، ومواقع انتشاره وعمق مخابئه؟ وفي تقديره ، إن الإحجام عن القيام بهذه العملية سيجعل من إيران قوة نووية ثانية في منطقة الشرق الأوسط ، بمعنى آخر أن الوجود النووي المتوازن سيلغي قدرة إسرائيل على الاستفراد بقرار الحرب والسلام ، حيث كشف الدكتور افنير كوهين في كتابه المعنون: "إسرائيل والقنبلة"، إن الترسانة الإسرائيلية تملك أكثر من 150 قنبلة نووية ، لذلك اقتضت الظروف المستجدة ضرورة تغيير التعامل مع زعماء المنطقة بمنطق قواعد لعبة الغموض والالتباس.

وبما أن اقتراحات الدول الكبرى التي قدمت إلى طهران ، تحتاج إلى تطمينات وتنازلات من قبل إسرائيل ، فإن درور زئيفي ، الأستاذ في جامعة بن غوريون ، قدم عرضاً إلى ايهود اولمرت ينص على وضع البرنامج الذري الإسرائيلي تحت رقابة دولية لمدة عشرين سنة. وخلال هذه الفترة يسمح لوكالة الطاقة الذرية بتطبيق قواعد الرقابة على باكستان وإيران وسورية ، مما يساعد على إبعاد دول المنطقة من احتمال قيام إسرائيل بتوجيه ضربة وقائية لإيران ، من المؤكد أنها ستفضي إلى حرب شاملة تؤدي تعريض الاقتصاد العالمي إلى هزة خطيرة ، حيث ستشمل سيناريوهات الحرب المحتملة استهداف الصواريخ الإيرانية لدول الخليج العربي وللمصالح الإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط ، وهذا مايثير قلق الولايات المتحدة التي تحاول بأي ثمن تفادي انفجار جديد يقلب التوازن الهش في النظام السياسي والاستراتيجي والاقتصادي القائم في المنطقة منذ احتلال العراق عام 2003 ف ، لصالح الإستراتيجية الإيرانية .
مخاطر انتشار أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط
يقول أنطوني كوردسمان ، إن التوترات الإقليمية الفرعية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا ، تتفاعل بطرق قد تجبر بالفعل جميع القوى الرئيسية في المنطقة على مواصلة جهودها للحصول على أسلحة كيميائية وبيولوجية وإشعاعية ونووية. إن خبراء الاستخبارات الأميركية مقتنعون بأن انتشار الأسلحة لا يمثل مشكلة جديدة في الشرق الأوسط فشاه إيران بدأ تنفيذ برنامج الأسلحة النووية في إيران خلال السبعينات من القرن الماضي ، ولا يشك أحد في أن العراق كان يسعى بنشاط للحصول على أسلحة نووية عندما هاجمت القاذفات الإسرائيلية المفاعل النووي تموز (اوزيراك )عام 1981ف.
كما تمثل مشكلة انتشار الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى تهديداً خطيراً للأمن في منطقة الشرق الأوسط ، فالاتحاد السوفيتي السابق بدأ في أواخر الستينات من القرن الماضي ببيع صواريخ فروغ إلى أصدقائه في الشرق الأوسط ، وما لبث وأن اتُّبَع ذلك بمبيعات من الطراز الحديث من الصواريخ الباليستية مثل سامليت ، وصواريخ باليستية متوسطة المدى مثل سكود ، والتي نجحت كل من إيران والعراق بتطوير مدياتها وتسليحها ، إسرائيل من جانبها ردت بالحصول على تكنولوجيا فرنسية متقدمة لصنع الصواريخ ، ويعتقد أنها بدأت إنتاج أول الصواريخ لديها ، جيريكو وأريحا، كما نجحت في إطلاق الأقمار الصناعية العسكرية التجسسية ، وفي منتصف السبعينات نشرت إسرائيل أولى صواريخها البعيدة المدى الحاملة لرؤوس نووية.
ورغم الجهود الدولية لمراقبة الأسلحة ، والمفترحات والمبادرات المختلفة لتحويل الشرق الأوسط إلى منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل ، فإن البحث عن توازن الرعب بفعل امتلاك إسرائيل للأسلحة النووية الإستراتيجية والتكتيكية دفع الدول الرئيسية في المنطقة للسعي لامتلاك تكنولوجية الأسلحة الكيميائية ، والبيولوجية ، والإشعاعية والنووية بوصفها أدوات رئيسية للقوة. ويصح هذا القول بالنسبة لأنظمة الإطلاق الطويلة المدى لهذه الأسلحة كالصواريخ.
التحولات الجذرية في الإستراتيجية الأمريكية
إن التحدي الذي تواجهه الولايات المتحدة الأمريكية في هذا القرن الجديد ، وفق تصور دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأسبق ، إنما هو تحدٍّ في غاية الصعوبة ، مما يستلزم من الإدارة الأمريكية وضع إستراتيجية فعالة للدفاع عن الأمن القومي ضد كل ما هو غير معروف ؛ غير مضمون ؛ غير مرئي ؛ غير متوقَّع. لذا قررت وزارة الدفاع ألتخلي عن الإستراتيجية القائمة على التهديد ، والبدء في انتهاج قواعد جديدة قائمة على تطوير القدرات العسكرية ، لردع أعداء واشنطن وهزيمتهم ، من خلال إعداد الخطط لمحاربة هذه الدولة أو تلك ، والعمل على اختبار مواطن الضعف والقوة في النظام الأمريكي ، وأن نسأل أنفسنا ، كما قال الملك فريدريك الأعظم في كتابه القواعد العامة للحرب، "ماذا كنت سأفعل لو وضعت نفسي مكان العدو؟". ومن ثَم كما يقول دونالد رامسفيلد ، " نؤقلم قواتنا كأحسن ما يكون، في سبيل التغلب على ذلك التهديد".
قبل الهجوم على نيويورك وواشنطن عام 2001 ، كانت وزارة الدفاع الأمريكية قد حددت ستة أهداف إستراتجية تتمثل في: حماية الأمن الداخلي ، وضمان أمن القواعد في الخارج ؛ الإبقاء على مستوى القوات المسلحة في الأماكن البعيدة ؛ إفهام أعداء واشنطن ليس لديهم مأوى يحميهم منا ؛ حماية الشبكة المعلوماتية الأمريكية من أي اختراق ؛ استخدام التكنولوجيا المعلوماتية لربط القوات الأمريكية المختلفة ، وهو ما يؤهلها للقتال معًا في صف واحد ؛ الحفاظ على اتصال سهل وسلس بالفضاء الخارجي، وحماية القدرات الأمريكية الفضائية من أي هجوم.
إن دور الولايات المتحدة لا يتمثل فقط في خوض الحروب وتحقيق النصر، إنما يتمثل في منعها من الأصل ، وفق تعبير دونالد رامسفيلد ، وفي سبيل تحقيق ذلك يقول: "علينا أن نفتش عن كل الطرق التي تؤثر في مؤسسة اتخاذ القرار لدى أعدائنا المفترضين ، علينا أن نردعهم ، ليس فقط عن استخدام الأسلحة الموجودة ، بل عن تدشين أي سلاح جديد يكون أكثر خطورة مما سبقه. وكما أن تواجد أسطولنا الأمريكي يثني الآخرين عن الاستثمار في إيجاد أساطيل أخرى منافسة ، فإن علينا بالمثل أن نطور ممتلكات جديدة تجعل عدونا يعدل تمامًا عن فكرة التنافس معنا".
لهذا اتخذ الرئيس جورج بوش إستراتيجية جديدة للردع: تجمع بين تخفيض حاد في القوات النووية ، مع التأكد من فعالية الأسلحة النووية ومصداقيتها ، وبين تطوير وتحديث القدرات التقليدية والدفاعات الصاروخية لكي تكون أكثر ملائمة لردع الأعداء المحتملين ولحماية قوات وحلفاء الولايات المتحدة الأمريكية من أي هجمة صاروخية ، حتى ولو كانت محدودة. من هنا تبلور ثلاثي إستراتيجي جديد ونظرية ردعية جديدة ، يشتمل على: قوات نووية مُخفضة ؛ قدرات تقليدية مُطورة ؛ ودفاعات جديدة مختلفة.

ألملف النووي الإيراني والمصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة
بدأ البرنامج النووي الإيراني عام 1974 بهدف بناء محطة طاقة نووية في ميناء بوشهر الذي يبعد 2300 كم جنوب العاصمة طهران بمساعدة تقنية ألمانية. توقف العمل في البرنامج بسبب الحرب العراقية الإيرانية ، ثم أعيد العمل في البرنامج عام 1992 في أعقاب توقيع اتفاق تعاون نووي مع روسيا. اتسع البرنامج الإيراني بمرور الوقت ليشمل منشآت ومعامل الماء الثقيل وتخصيب اليورانيوم في أصفهان ونطنز وأراك.
بدأ الاهتمام بالملف النووي الإيراني والمخاوف من استخدامه في إنتاج أسلحة نووية تساور الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أوربا الغربية في السنوات الخمس الأخيرة ، ففي نهاية عام 2002 التقط قمر صناعي تابع لمركز أبحاث أمريكي صورا لمعمل الماء الثقيل في مدينة أراك. وفي عام 2003 أبدى مفتشو وكالة الطاقة الذرية مخاوفهم من تطور الأنشطة النووية في منشأة نطنز وأكد التقرير أن القرائن التي اكتشفوها في منشآت مختلفة تدل على أن إيران تدير برنامجا سريا لتخصيب اليورانيوم منذ 18 عاما. لذا تمحورت الضغوط والمفاوضات لمنع إيران عن الاستمرار في برنامج تخصيب اليورانيوم . وتعتبر الإدارة الأمريكية أن السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم سيمكنها من امتلاك السلاح النووي ألذي يشكل تهديدا استراتيجيا مباشرا لمصالحها في منطقة الخليج ألعربي الغنية بمصادر الطاقة وللاستقرار في منطقة الشرق الأوسط المعروفة بكثرة الصراعات والأزمات ، ومما يعرض أمن إسرائيل حليفتها الإستراتيجية في المنطقة للتهديد المباشر.
إن قرار الحكومة الإيرانية استئناف أنشطتها النووية وتخصيب اليورانيوم والإصرار على عدم التراجع عن هذا القرار ، دفع معظم المراقبين لتوقع انهيار المحادثات الأوربية الإيرانية وتفاقم أزمة الملف النووي الإيراني بتحويله إلى مجلس الأمن لفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية جديدة على حكومة طهران ، وهو الاتجاه الأمثل من وجهة نظر الباحثين الاستراتيجيين الأمريكيين ومنهم جورج بركوفيتش نائب رئيس مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي والخبير في شؤون الأمن النووي. وفي حالة فشل مجلس الأمن في فرض العقوبات أو حتى عدم جدوى نتائجها نظرا للعلاقات الإستراتيجية التي تربط إيران بروسيا والصين ، فإن التصور السائد هو: أن تقوم الولايات المتحدة أو إسرائيل بالوكالة بتوجيه ضربة عسكرية إلى المنشآت النووية الإيرانية على غرار قصف المفاعل النووي العراقي عام 1981 ، رغم أن الموقف الرسمي المعلن للإدارة الأمريكية وفق تصريحات الرئيس جورج بوش ووزيرة الخارجية كونداليزا رايس ، تميل لتفضيل الجهود الدبلوماسية مع عدم استبعاد خيار القوة العسكرية. وكما قال كلاوتسفيتز Clausewitz: "الحرب هي تكملة للسياسة من خلال أساليب أخرى". وفي هذا القرن يمكن أن تكون معظم الإستراتيجيات معتمدة على الخيارين الدبلوماسي والعسكري.

راقبوا (مضيق هرمز) بكافة الصفقات السرية والعلنية بين ايران وأميركا وستعرفون أن له أهمية أخرى غير.. النفط.!




2008-09-06 :: بقلم: جاسم الرصيف ::

ماصرّح به ، محمد باقر ذو القدر ، مساعد رئيس أركان العامة للقوات الأيرانية ، مؤخرا يعدّ من أفضل المداخل لفهم الرؤى الأيرانية لقدراتها العسكرية المحاطة بما لايحصى من التحديات الدولية والأقليمية ، واذا ما إستثنينا المبالغات الأيرانية المعتادة في طرح نفسها ( قوة لاتقاوم ولاتقهر) وأخذنا من رؤاها ماهو واقعي وقريب من الحقائق الموجودة على الأرض نجد ان لوحة الرؤى الأيرانية هي :
اولا : تشاؤم من وجود القوات الأميركية على حدودها الدولية ، من جهتي أفغانستان والعراق في وقت واحد ، وهذا يعني عسكريا إمكانية فتح جبهتين واسعتين جدا ضد أيران في حالة حصول حرب ، لا قدرة لأيران قط على مجابهتهما جوا وبحرا في الأقل ، وهذا يفسر النظرة المتشائمة التي وردت في قول ذو القدر أنه : ( لايرى بصيصا في الأفق لتسوية ) الحرب القائمة في البلدين ، والتي تحتم بقاء القوات الأميركية على الحدود الأيرانية مباشرة .
الحماقة الأيرانية تتمثل في أنها ساهمت وبفاعلية ، تباهت بها عدة مرات ، لتسهيل إحتلال أفغانستان والعراق ، على الظن انها ( رابحة ) من ذلك ، ولكن بمرور الزمن تبين لها ان المقاومة في البلدين غيرت موازين القوى كلها في الشرق الأوسط ، ولكن ليس لصالح أيران بكل تأكيد ، وهي ليست لصالح أميركا في المحصلة النهائية ، لأن الأخيرة لم تربح غير إزدياد الكراهية لها ولحليفها الأيراني الذي إنزلق على مبدأ عفا عنه التأريخ وولت عنه الحسابات الصحيحة في أن ( عدو عدوّك صديقك ).
ثانيا: ايران وفي معرض مقارنتها لموازين القوى العسكرية لاتجد نفسها ندّا حقيقيا لأميركا وحلفائها اذا ما نشبت حرب ضدها من جراء طموحها النووي ، ومن ثم وجدت ان الحل ّ الأسهل والأنجع هو سلاح النفط ومفتاحه : مضيق هرمز .
من هنا تمر ( 60% ) من حاجة العالم لشحنات النفط الخام .
كعب ( آخيل ) الذي نسيته الآلهة الحربية الأمريكية والعربية ، إذ لايتجاوز عرض الممر البحري الصالح لمرور سفن الشحن ( 7 ) كيلومترات ، مقتلها الأكيد في طولها ، وتكفي بضعة ألغام بحرية ، او حتى بضعة زوارق مع قاذفات صواريخ محمولة على الكتف ، ان تقلب موازين العالم الإقتصادية الى نوع من الجحيم ، حتى ولو لفترة محدودة .
خلال الأشهر القليلة الماضية إزدادت اسعار الوقود في اميركا ولأسباب ليست قتالية فساد القلق الشديد في الشارع الأميركي، وإنتقلت حيرة تلافي الحياة بلا وقود للسيارت كل مفاصل الحكومة ، وتحولت مسألة إرتفاع اسعار الوقود الى همّ يومي في كل وسائل الإعلام الأميركية ، وكذلك الحال في كل الدول التي تستورد النفط من الشرق الأوسط ، وتركت آثار هذه الزيادة إنعكاسات حادّة على ذوي الدخل المحدود ، وهم الطبقة العاملة كما هم الأكثرية المطلقة في كل الدول الغربية ، ولم يجد احد من هؤلاء انه مستعد لشراء غالون النفط ب ( 4 ) دولارات في اميركا ، فكيف اذا بلغ سعر الغالون عشرة دولارات وربما أكثر من جراء حرب جديدة قد تطول ؟! .ثالثا : أيران تقايض نفوذها في العراق ، من خلال حكومة ( عراقية ) تابعة لها ، على شقها الأيراني وشقها الكردي ، مباشرة مع أميركا ، على اكثر من دلالة معروفة لعل أهمها : المفاوضات العلنية بين الطرفين على ( أمن العراق ) ، وكأنهما وحدهمها المسؤولين المباشرين عن العراق المحتل ، بدون اي حضور للقوى الوطنية العراقية ، وبدون اي إعتبار للدول العربية المعنية بعروبة العراق ، وتسعى أيران من هذه المقايضة للحصول على ( أمن ) لأيران نووية تتحكم في نفط الخليج العربي ودول الخليج كشريك لأميركا .
اي ان ايران في هذه النقطة ايضا قد حسبت النفط سلاحا فعالا ضد من يتظاهرون بمعاداتها ، عربا وأجانب ، على حسبة بسيطة جدا ، قد لاتخطر ببال ( العباقرة ) العرب وهي : ان نفط ايران ونفط العراق قادرين على تزويد اميركا واوربا بكل حاجاتها النفطية لعقود ، تتحول أيران خلالها الى قوة فعلية مهيمنة على كل المنطقة بما فيها تركيا ، حتى بدون وجود نفط من دول الخليج، وماعلى المغفل غير ان السكوت عن خطيئة غفلته ، لأن القانون ، ومنه القانون الدولي نفسه : لايحمي المغفلين ، سواء أكانوا عربا أم غير عرب، ولاشفاعة للحمقى في كل حرب ، سواء أكانت عسكرية أم إقتصادية ، أم سياسية .
وتبدو أيران في هذا المشهد قريبة من هدفها على غفلة دول الجوار وغير الجوار العربي بشكل خاص .
لوحة مضيق هرمز ملغومة من ثلاث جهات : إما أن تبادر أميركا بضربة جوية للمنشآت النووية والعسكرية الأيرانية في حالة عدم توصلها الى صفقة تتيح لها شراكة ( الأسد ) الأميركي ( للثعلب ) الأيراني في منطقة الخليج العربي ،أو أن تيأس وتفقد أيران سيطرتها على أعصابها من جراء الضغوط الدولية وإنسداد طرق المقايضة على الخيلج فتبادر هي الى توجيه ضربة عسكرية للقوات الأمريكية مع إسرائيل ، مصحوبة بغلق مضيق هرمز ، وعندها سيتحول هذه المضيق الى ضيق نفطي شديد يشتعل في كل أنحاء العالم .
راقبوا مضيق هرمز في كل الصفقات السرية والعلنية بين ايران وأميركا تعرفون أن له أهميات أخرى غير .. النفط !!.

التجسس على جاسوس لايعتبر تجسسا



كتاب أميركي جديد ــ يكشف تجسس أمريكا على أحاديث المالكي وأفراد الحكومة!
تقرير: صحيفة واشنطن بوست/كتاب جديد صدر للصحافي الأمريكي بوب وودوارد
Friday 05-09 -2008
ذكرت صحيفة واشنطن بوست اليوم الجمعة أن حكومة الولايات المتحدة تجسست على رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وزعماء عراقيين آخرين، وذلك فيما نقلته عن كتاب جديد صدر للصحافي الأمريكي بوب وودوارد يتعلق بالرئيس جورج بوش.
وبحسب ما أوردته الصحيفة فإن أحد مصادر وودوارد - بشأن عملية التجسس الواسعة النطاق والمنشورة في الكتاب المقرر أن يطرح يوم الاثنين المقبل - قال "إننا كنا نعلم كل شيء يقوله نوري المالكي".ويقول الكتاب الذي يحمل عنوان "الحرب من الداخل .. التاريخ السري للبيت الابيض 2006-2008 " إن القوات الأمريكية الاضافية التي أرسلت في عام 2007 لم تكن العامل الأساسي وراء التراجع الواضح في معدل التوترات في العراق.وقالت صحيفة واشنطن بوست: "الكتاب يؤكد أن الإدارة الأمريكية تمزقها الخلافات وهي إما غير راغبة أو متباطئة في مواجهة تدهور استراتيجيتها في العراق أثناء صيف أو بداية خريف عام 2006".

وأضاف تقرير الصحيفة: "الكتاب يصور تطور علاقة عمل وثيقة بين بوش والمالكي، ولكن كشف كذلك عن استمرار التجسس على رئيس الوزراء العراقي وكيف أن ذلك سبب بعض الذعر بين كبار المسئولين الأمريكيين الذين أثاروا أسئلة بشأن ما إذا كان هذا العمل يستحق المغامرة في ضوء جهود بوش لكسب ثقة المالكي".
ومن المنتظر ان تنشر مقتطفات من الكتاب الذي جاء في 487 صفحة في صحيفة واشنطن بوست في السابع من سبتمبر، وكان كتاب وودوارد الثالث عن رئاسة بوش الذي حمل عنوان "حالة انكار" من افضل الكتب مبيعا ووضع البيت الأبيض في موقف الدفاع بعد أن أوضح أن بوش رفض مطالب بتعزيز القوات الامريكية في العراق وأنه يضلل الأمريكيين بشأن مستوى الخطر هناك.
** وجماعة المالكي يطلبون تفسيرا
قال علي الدباغ المتحدث باسم الحكومة الجمعة ان العراق سيطلب تفسيرا من المسؤولين الاميركيين بشان تقرير افاد بان الولايات المتحدة تجسست على مسؤولين عراقيين منهم رئيس الوزراء نوري المالكي.وقال علي الدباغ المتحدث باسم الحكومة في بيان "اذا كان هذا صحيحا .. فانه يعكس عدم وجود ثقة".
وقال الدباغ "اذا كان هذا حقا فانه يلقي بظلال على العلاقات المستقبلية مع هذه المؤسسات" في اشارة الى وكالة المخابرات المركزية الاميركية ووكالات اميركية اخرى.
وامتنعت دانا بيرينو المتحدثة باسم البيت الابيض عن التعليق على التقرير الذي وردت تفاصيله في رابع كتاب يصدره وودورد عن الرئيس الاميركي جورج بوش ويحمل عنوان "الحرب في الداخل: التاريخ السري للبيت الابيض 2006- 2008".وقالت للصحفيين "لدينا تعاون مكثف مع رئيس الوزراء (نوري) المالكي. سفيرنا يلقاه يوميا تقريبا".واضافت "اذا كان لديهم (الحكومة العراقية) اي دواعي للقلق فانا واثقة انهم سيتحدثون بشانها لاننا نرتبط معهم بعلاقات جيدة.. علاقات تتسم بالانفتاح والصراحة ونحن على اتصال كل يوم تقريبا".

الهاشمي واللعب على حبال الاتفاقية الأمنيّة





تعتب – وكالات – الإنترنت – 5 أيلول – سبتمبر 2008:
"قال نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي إن العراق ليس بحاجة الى اتفاقية لا تضمن شروط السيادة وخروجه من طائلة البند السابع، مشيرا الى ان مفاوضات الاتفاقية الأمنية المزمع توقيعها بين بغداد وواشنطن منقطعة منذ مدة.

وأوضح الهاشمي خلال زيارة ميدانية قام بها إلى مدينة الاعظمية مساء الخميس برفقة نائبي مجلس النواب عن جبهة التوافق السنية عبد الكريم السامرائي وعلاء مكي "اننا لسنا بحاجة الى اتفاقية اذا لم تضمن شروط السيادة وخروج العراق من الفصل السابع وان تضمن ايضا القانون العراقي جملة وتفصيلا". المصدر
هنا.

ويأتي تصريح الهاشمي هذا بعد عودة كتلته إلى الحكومة كي تتناغم مواقفه مع مواقفها الداعية إلى نفس الرأي عن الاتفاقية. ولكن الشعب العراقي لا ينسى أبداً... أنّ الحكومة وكافة أحزاب الاحتلال ممثلين برؤساء كتلهم بضمنهم طارق الهاشمي نفسه قد وقعوا على مذكرة التفاهم التي مهّدت للمباحثات بشأن الاتفاقية الأمنية مع أمريكا بعد أن وقعها نوري المالكي وجورج بوش عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة في 26 آب من العام الماضي والمعلنة في شهر تشرين الثاني من نفس العام.

إن نفاق الحزب الإسلامي العراقي وكتلة التوافق بشكل عام يذكرنا بمواقفهم من مسوّدة "الدستور العراقي" التي أعلنوا رفضهم لها في بداية الأمر ونشروا الملصقات في بغداد أن "لا للدستور" ثم عادوا فأنزلوها بعد أن وعد السفير الأمريكي وقتها زلماي خليل زاد بمنح منصب رئيس الجمهورية لطارق الهاشمي... ومع هذا لم يحصل طارق الهاشمي إلا على منصب النائب بعدها... ولكن رأينا كيف أنزلت الملصقات وتم التصويت على الدستور... كفا نفاقاً أيها الحزب الإسلامي فنحن في شهر رمضان.

احمد الجلبي يتعرض لمحاولة اغتيال




بواسطة aliraqnews1 في 2008/9/6 1:54:30 15

بغداد 6/9/......

تعرض رئيس المؤتمر الوطني العراقي احمد الجلبي الى محاولة اغتيال في شارع الاميرات بحي المنصور وسط العاصمة بغداد.
وعلمت شبكة اخبار العراق من مصادر موثوقة جدا ان سيارتين هاجمتاالجلبي في الشارع المذكور وتبادلت اطلاقات النار من ا لاسلحة الرشاشة مع حماية الجلبي حيث اصيب الجلبي في رجلة وان اثنين من افراد حمايته اصيبا كذلك في الحادث.

واشار المصدر لشبكتنا الى ان الجلبي نقل الى مستشفى ابن البيطار للعلاج من دون ان تعرف بعد مدى اصابته.

ويذكر ان احمد الجلبي شخصية مثيره للجدل و تتهمه جهات عديده بانه وحزبه يقفون وراء عشرات عمليات الاغتيال لاعضاء حزب البعث وبعض السياسين والاعلاميين كما هنلك معلومات مؤكده عن قيامه بالحصول على المليارات من الدولارات من جراء تهريب النفط

بيانات القياده العامه للقوات المسلحه العراقيه

بسم الله الرحمن الرحيم


القيادة العامة للقوات المسلحة
الجيش العراقي

( نصرُ من الله وفتح قريب )
بيــــان رقم 103

يستمر أبناءكم الغيارى في قيادة قوات القعقاع بالتصدي لقوات الأحتلال الأمريكي بكل حزم وبسالة قاطعين العهد على أنفسهم بمواصلة الجهاد البطولي حتى يأذن الله بالنصر أو الشهادة . وفيما يلي جانباً من الفعاليات القتالية لتشكيلات القيادة خلال شهر أب 2008 :

تدمير عجلة معادية نوع (همفي) أمريكية وقتل من فيها حنوب مفرق الحمام على الطريق الرئيسي بغداد- الموصل بالساعة 2000 يوم 7 أب 2008 .

تدمير عجلة معادية نوع (همر) أمريكية وقتل من فيها شمال مفرق الشرقاط على الطريق الرئيسي تكريت –موصل ليلة 12/13 أب 2008 .

تدمير عجلة وقود حوضية عائدة لقوات الأحتلال وقتل وجرح عناصرها شمال مفرق تلكيف على الطريق الرئيسي موصل –دهوك بالساعة 0300 يوم 28 أب 2008 .

وما النصر الا من عند الله العزيز القوي.........والله أكبر

قيـــــــــادة
الجـــــــيش العراقـــــــي

4 أيلول 2008

4 رمضان 1429


بسم الله الرحمن الرحيم

القيادة العامة للقوات المسلحة

الجيش العراقي

( نصرُ من الله وفتح قريب )


بيــــان رقم 104


تواصل تشكيلات قيادة قوات صلاح الدين تنفيذ عملياتها التعرضية على قوات الأحتلال ا لامريكي ضمن قاطع المسؤولية وفيما يلي جانباً من فعاليات القيادة خلال شهر أب 2008 :
تدمير عجلة حمل مسطحة لقوات الأحتلال جنوب تكريت على الطريق الرئيسي تكريت – سامراء بالساعة 2330 يوم 8 أب 2008 .

قصف بالهاونات على القاعدة الأمريكية شمال تكريت في معسكر كلية القوة الجوية بالساعة 2300 يوم 12 أب 2008 .

تدمير وحرق عجلة وقود حوضية لقوات الأحتلال جنوب مكحول على الطريق الرئيسي بيجي –موصل ليلة 21 /22 أب 2008 وقتل عناصرها .

وبهذه المناسبة تجدد قيادة قوات صلاح الدين العهد والوعد بأن يبقى أبناء قواتنا المسلحة رأس الحربة في تحرير العراق وهزيمة الاعداء .

والله أكبــــــــــــــــر

قيـــــــــــادةالجيـــــش العراقـــــي

5 أيلول 2008

5 رمضان 1429



الجمعة، سبتمبر 05، 2008

في عمليه نوعيه للمقاومه العراقيه البطله



مقتل ثلاثة من عناصرالموساد الصهيوني في كركوك
بواسطة
aliraqnews1 في 2008/9/5 12:46:04
كركوك

قتل ثلاثة من عناصر الموساد الصهيوني في كركوك بعملية بطولية للمقاومة العراقية

واعترفت مصادر إعلامية صهيونية بالعملية وقالت أن ثلاثة من عناصر جهاز الامن الموساد قتلو يوم الاربعاء في كركوك في عملية للمقاومة العراقية واكدت المصادر ان القتلى الثلاثة كانوا يتحدثون العربية باللهجة العراقية ، حيث أبدى الموساد استغرابه من تمكن المنفذين من كشف هوية الرجال الثلاثة الذين كانوا يعملون بغطاء هوياتهم العراقية المزورة و وضعهم التجاري كرجال أعمال و أشارت المصادر الى أن القتلى الثلاثة يملكون منازل سكنية في المدينة على أساس أنهم عراقيون مغتربون من أهالي البصرة لافتةً إلى أن المنزل الذي كان يقطنه الثلاثة كان محاطاً بمركز للشرطة وبحماية الامن الكردي والذي يعرف ب(الاسايش) و هم أنفسهم محاطون بحرس من العراقيين استأجرهم لهم الموساد عن طريق شركة بلاكووتر الامريكية و تقول المصادر : إنهم تمكنوا في البداية من القضاء على الحرس و على الصهاينة الثلاثة و تركوا رسالةً على الحائط في صالة المنزل تفيد بأنهم يعرفون بأن الرجال الثلاثة من الموساد و ليسوا عراقيين وتشير المصادر الى الامر في البداية كان مخطط له اختطاف العناصر الامنية الصهيونية لكن أحد الحراس من الاكراد أفشل المهمة بإطلاقه النار في الهواء فسارعت قوة من الاسايش الكردية إلى تطويق المنزل و خوض معركة مع المهاجمين الذين قتلوا جميعاً و كانوا سبعة أشخاص قاتلوا حتى الموت و لم يستسلموا للاكراد و أحد المقاومين الجرحى فجّر حزاماً ناسفاً كان يحمله على وسطه وقتل الجميع.

الخطاب الفكري الاخر للإمام المجاهد السيد البغدادي ( المتوفى 1392هـ )



21 حلقة مستلة من الموسوعة الإسلامية الكبرى : ( التحصيل في أوقات التعطيل )
وسوف تقرأ عما قريب ــ إنشاء الله تعالى ــ هذه الدورة الكاملة

الحـلقة الثامنة

-53-

الاول المحارب لنا، والمهاجم علينا، والمستولي علينا لاسقاط استقلالنا، واستعمار بلادنا ، وهذا هو الذي أوجب علينا قتالهم اهتماماً لبلادنا واستقلالنا .

الثاني : من لم يكن كذلك لوجود المعاهدة معه القاضية عليه موافقتنا ومساعدتنا ، وهذا لا يجوز قتاله .

وبهذا تعرف الفرق بينهما ، فلا وجه لقياس أحدهما بالاخر فافهم وتبصر .

-54-

يحرم تقوية الكافر على المسلمين بضرورة الدين، كما ورد من حرمة بيع السلاح منهم، وما ورد من منع خروج الكافر بسلاحه الى دار الحرب، بل بكل ما يقوى به الكفار، وما ورد من وجوب حرق الغنائم اذا امتنع نقلها، وما ورد من حرمة بيع الطعام عليهم مع قيام الحرب معهم، هذا مضافاً الى عموم حرمة الاعانة على الاثم، فظهر فساد ما تعاطاه بعضهم على خلافه .

-55-

لقد ثبت وتحقق ان الكفار لا زالوا مستخفين ومستهزئين بالدين، والانبياء، وكتبهم ، بل بكل أمر ديني، وهذا منهم كان بدواع مختلفة مرة توهيناً وتحقيراً ، وآخرى مكيدة وخديعة ، وثالثة قلعاً للدين وتضييعاً ، ورابعة ترويجاً لباطلهم وتقويماً .

وبالجملة هذا الامر منهم ثابت مسلم وان اختلفت دواعيهم وأغراضهم ، كما ان مراتبه وان اختلفت شدةً وضعفاً وظهرواُ وخفاءً، لكنها تدخل تحت القدر الجامع وهو الاستخفاف ، ولا فرق فيه مطلقاً قام به نوعهم أو أفرادهم .. وكيف كان؟.. كل ذلك لا يكون مانعاً للدين من التمسك بدينه، ولا دافعاً له عن متابعته الا ترى إبتلاء الانبياء وأتباعهم باستخفاف أعدائهم لم يزدهم الا صلابة في دينهم ، وزيادة اهتمامهم لاجله ، فمن أعجب العجائب ما نراه في زماننا من بعض بسطائنا.. كيف أعرضوا عن دينهم باستخفاف اعدائنا بهم؟!.. وكيف جاز لهم جعل الاستخفاف من الاعذار؟!.. هذا ولا يخفى ان الاستخفاف انما يكون اذا بان الضعف في المسلمين، كما في صدر الاسلام وأوائل الدعوة ، وكما في أيامنا الحاضرة ، وأما في الايام التي ظهرت فيها شوكة المسلمين، فلا نرى له أهمية اصلاً، وبهذا يظهر لك وجه اضرارهم في الدين ، ولزوم الاهتمام في طردهم وتحيل الاستقلال، اذا عرفت هذا فلا خصوصية للاستخفاف ، بل هو من باب المثال لكل تعرض ديني فتبصر.

-56-

الضرر الديني يكون بالتمويه والمخادعة كما هي سيرة الانكليز ، وأخرى بالضغط والاكراه كما هي سيرة المسقوف(أي الاتحاد السوفيتي السابق).

فان قلت: أي الضررين أعظم؟..

قلت: المدار هو ما يترتب على المخادعة والاكراه ، فمرة يتفاوت الحال وتختلف ، ومرة يتساوى الحال، ولكل حكمه كما هو واضح .

-57-

كان رسول الله (ص) يهتم للقتال اهتماما عظيماً بجمع السلاح والعساكر، بل بكل ما يحتاج اليه مع ذلك كله كان لا يعتمد على ذلك، بل يسأل الله تعالى النصر والظفر، فراجع التاريخ والحديث، فظهر لزوم الاهتمام بها معا، كما ظهر فساد الاغترار بأحدهما، كما صدر في زماننا وهو خلاف الواجب من الاقتداء به (ص) على كل حال، كما هي عادة السلف .

- 58-

لما كان البشرمختلفين في أديانهم وعقائدهم بسبب شدة جهالتهم واتساع أهوائهم ، فمنهم من اتخذ الاصنام على اختلافها واختلافهم في اتخاذها ، ومنهم من اتخذ بيوت النيران ، ومنهم من اتخذ له الولد والصاحبة ، ومنهم من أشرك معه ، ومنهم من نعاه والحد، وهكذا بعث الله تعالى نبينا(ص) داعياً الى توحيده كي يزول اختلافهم من أصله، بل لما رآى (ص) اختلالهم واضطرابهم في شرايعهم وطرايقهم ، بل مطلق أطوارهم وعاداتهم دعا الى شريعته ، وما هي الا عبارة عن قوانين نظامية تحفظهم من كافة شرورهم كزاعمهم وبغيهم وجهلهم وكلبهم وأختلافهم وهكذا فالواجب مراجعة الكتب الاسلامية المتضمنة لبيان فوائدها على أقسامها ، ولا سيما التوحيد ، وهذه الكتب لا تحصى كثرةً ، فلا بد من الاشارة اليها ، هذا هو معتقد المسلمين كافة في أعتقادهم وشريعتهم ، فمن الواضح بعد هذا كله انهم يرون الكفار مباينين لجميع أنحاء المباينة متحذرين من كافة شرورهم اذ هم العقية العظمى في اختلال البشر قديماً وحديثاً، فمن عجيب زماننا اغترار بعض بسطائنا بهم حتى أصبحوا طامعين في هدم التوحيد والشريعة بطرق لا يمكن استقصاؤها ، وقد اشرنا الى جملة منها في سائر كتبنا ، ومن هذا يتضح لك وجه اهتمامنا في طردهم، والتحذير منهم، وايجاب الاستقلال .

-59-

لا ريب في أن المسلم هو القائم بالشهادتين الحامل، سواء كان ذلك اعتقاداً وتصديقاً، واظهاراً واعلاناً.. نعم كلما ازداد الامر اثراً وظهوراً، تضاعف اهتماماً وتأكيداً بلا فرق في ذلك بين طائفة وأخرى بعد اطرادها في أفراد المسلمين ، اذا تمهد هذا، فلا ريب في وجوب المحافظة عليهم والمدافعة عنهم، بداهة رجوع ذلك الىحفظ الشهادتين والذب عنهما ، وهذا أول أمر اسلامي ضروري أريقت في سبيله الدماء المعصومة ، وهذا مسلم مطلقاً ، سواء كان لنشرهما ، أم لحفظهما .

فان قلت : ماذكرته انما يدل على تحريم قتل المسلمين ومقاتلتهم ، اذ هو تفويت للشهادتين واماتة لهما ، فلا يدل على لزوم نصرتهم والدفاع عن سلطانهم .

قلت : المناط الموجب لحرمة قتلهم ومقاتلتهم هو انهم كانوا قائمين بالشهادتين حاملين لهما هو بعينه يوجب نصرتهم والدفاع عن سلطانهم ، وكيف لا يكون الامر كذلك ؟ وما نصرتهم الا محافظة عليها وما الدفاع عن سلطانهم الا تقويماً لهما ، ومقاومة لمن يتعرض بمن يحملها ، وبهذا ظهر وجه الاخبار المعللة للدفاع عنهم بأن درس الاسلام درس ذكر اسم محمد (ص) .

بمناسبة ذكرى شن النظام الإيراني الحرب على شعب العراق



نعيد نشر الدراسة "مسؤولية القيادة الايرانية في شن الحرب على العراق وإطالتها"
للدكتور سعد داود قرياقوس

مسؤولية القيادة الايرانية في شن الحرب على العراق وإطالتها
شبكة البصرة

سعد داود قرياقوس – كندا
أهدي هذا الجهد المتواضع الى رفيقي الشهيد النقيب قوات خاصة عامر محسن الجبوري، بطل عمليات تحرير المحمرة والذي استشهد دفاعا عن شرف العراق وعزته وكرامته في معركة بسيتين عام 1981".

مقدمة
قد يثير البعض تساؤلات عن توقيت هذه المساهمة، وجدوى الخوض في تفاصيل ملف قديم في الوقت الذي يواجه فيه شعب العراق تحديات سياسية خطيرة تهدد وجوده وكيانه. هذه بالتأكيد تساؤلات مشروعة تستحق الإجابة.

ثمة ثلاث دوافع أساسية حفزتنا على تقديم هذه الدراسة:
الدافع الأول، لتثبيت حقيقة تاريخية يحاول حكام طهران وعملائهم في "العراق الجديد" تحريفها بغرض تحقيق مكتسبات ايرانية غير مشروعة، ولتعزيز التغلغل الايراني في العراق. فقبل أشهر قدمت الحكومة الايرانية إلى الحكومة العراقية العميلة ملفا تضمن طلبا لتقديم القيادة العراقية إلى المحاكم العراقية المختصة وأدانتها في ذريعة شنها حربا غير قانونية على ايران. الهدف من وراء هذه الخطوة واضح، فالحكومة الايرانية تدرك أن إدانة القيادة العراقية يمنحها الحق في مطالبة العراق في تعويضات مالية كبيرة سبق وأن طالبت بها، وسبق لأبنائها البررة كالأشيقر والحكيم أن دعموا حق ايران في الحصول على تلك التعويضات.
الثاني: بات واضحا من تجربة الاحتلال المريرة بأن الاحتلال الأمريكي للعراق ليس إلا صفحة من صفحات مشروع قديم شكلت الحرب العراقية - الايرانية صفحة متقدمة له، وأن العراق يعاني من احتلال أمريكي– ايراني مزدوج. تطورات المشهد السياسي في العراق إبان فترة الاحتلال تدل على وجود تقسيم واضح للأدوار، والتقاء بين مصالح الإدارة الأمريكية، ومصالح النظام الايراني بالرغم من الشعارات المعادية لأمريكا التي تحتل مساحة كبيرة من الخطاب السياسي الايراني. هذا الاتفاق والتنسيق ليس جديدا بل يعود إلى منتصف السبعينيات. فلقد سبق وأن كشفت مجلة "نيوزويك" الأمريكية في عددها الصادر في 14/10/1974 عن تفاصيل اتفاق ايراني – "اسرائيلي" - أمريكي نص على ضرورة قيام ايران في إعاقة جهود البناء العلمي والاقتصادي والعسكري للعراق. هذا الميثاق وإن كان موقعا إبان حكم الشاه إلا أنه بقى نافذا بعد تغير النظام السياسي في ايران كما برهنت عليه العلاقات العسكرية الايرانية- "الاسرائيلية" لاحقا.
هذه الدراسة تشكل مرافعة للدفاع عن الحقوق التاريخية لشعب العراق، ودفاعا عن الموقف الصائب والشجاع للقيادة العراقية وحقها المشروع في الذود عن سيادة العراق ومصالح شعبه وأمنه القومي.

سنبرهن في هذه المساهمة واستنادا على تصريحات المسؤولين الايرانيين ومواقفهم العدائية، وعلى التجاوزات والاعتدءات العسكرية الايرانية على شعب العراق، واعتمادا على عناصر القانون الدولي، واستخداما للمعايير القانونية المتعمدة من قبل هيئة الأمم المتحدة لتعريف العدوان، بأن القيادة الايرانية تتحمل:
أولا: المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة لاندلاع الحرب وأن ايران هي الطرف الباديء في الحرب.
ثانيا: مسؤولية إطالة الحرب ومسوؤلية الدماء المراقة والثروة المهدورة.
كما وسنبرهن على أن الحرب قد بدأت يوم 4/9/1980 وليس في 22/9/1980 كما تصر عليه القيادة الايرانية وأنصارها.
عندما قررت القيادة العراقية التصدي للعدوان الايراني في الرابع من أيلول 1980 كانت تدرك تماما أبعاد المخطط التوسعي العنصري لنظام خميني وعلاقته بالمخطط الامبريالي- الصهيوني المعادي لشعب العراق والأمة العربية، ولاسيما تعاونهم على إجهاض المشروع النهضوي الذي تبنته قيادة الحزب والثورة في العراق، وكانت تدرك أيضا أن الاعتداء الايراني على شعب العراق في الرابع من أيلول يدخل ضمن السياق التأريخي للنزاع العربي- الفارسي، وأنه حلقة من حلقات نزاع قديم ومعقد ترجع جذوره التاريخية إلى أكثر من أربعة آلاف عام.

إن استقراء تطورات النزاع العربي – الفارسي لا يدخل ضمن اهتمامات هذه المساهمة، لكن من المفيد أن نوضح سمتين تاريخيتين اتسم بها النزاع العربي- الفارسي.
السمة الأولى: كان هنالك سعيا حثيثا من قبل القبائل الفارسية لاحتلال أراض عربية وعراقية وضمها لإماراتهم وإمبراطورياتهم، تحقيقا لأهداف توسعية اختلفت مبرراتها باختلاف الحقبة الزمنية. فلقد انتهزت ايران كل الفرص التاريخية لإثارة النزاع مع الدولة العراقية، واستغلت فترات ضعف بغداد بشكل خاص، لتجديد استفزازاتها وتحقيق مكاسب إقليمية على حساب شعب العراق والأمة العربية، لاسيما السيطرة على ضفتي شط العرب والذي شكلت حلما تاريخيا للأنظمة السياسية الايرانية المتعاقبة.
عندما توفي الشاه رضا خان، كتب في وصيته التي تركها لابنه محمد رضا (الشاه الأخير لايران) مطالبا إياه قائلا "لقد حررت الشاطىء الشرقي من العرب وعليك أن تحرر الشاطىء الغربي". جوهر الوصية التحريضي في الاستمرار على معادة العراق والأمة العربية واضح.
والسمة التاريخية الثانية: إن التواجد العراقي/العربي في أراضي بلاد فارس فرضته ضرورات دفاعية بعيدة عن طموحات الضم والاحتلال، وكان في كل الحالات تواجدا مؤقتا مرهونا بالفترة الزمنية المطلوبة لردع العدوان وإزالة الخطر عن شعب العراق. العدوان الذي شنته ايران على شعب العراق في الرابع من أيلول 1980 لا يخرج عن إطار السمات أعلاه.

التصعيد الايراني والتمهيد للعدوان
في شباط 1979 وصل الخميني إلى طهران قادما من منفاه الباريسي على متن طائرة فرنسية خاصة وفي حماية عناصر الأمن الفرنسي، ليعلن بداية نظام سياسي جديد فريد قائم على مفهموم "دولة الفقيه"، وعلى دستور جديد متضمنا دكتاتورية مفرطة، تجمع كل السلطات الدستورية في شخص واحد. المادة الخامسة من الدستور الايراني تشير إلى "يتولى ولاية الأمر في الجمهورية الإسلامية الايرانية وإمامة الأمة، فقيه تقي عادل، شجاع مدير ومدبر، وأن تكون قيادته مقبولة ومعروفة من قبل أغلبية الناس". ونصت المادة السابعة والخمسون "أن السلطات الحاكمة في الجمهورية الإسلامية الايرانية هي السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية وتعمل هذه السلطات تحت إشراف ولاية الآمر وإمامة الأمة حسب الأصول المتبعة في الدستور".
هذه الدكتاتورية الفريدة من نوعها في عالم اليوم تركت أثارها المدمرة على الشعبين العراقي والايراني، وقادت إلى نتائج كارثية، وسببت قتل وتشريد الملايين من الأبرياء، وتدمير ثروة الشعبين خدمة لمصالح القوى التي خلقت ظاهرة "الخميني".
إن مراجعة مسيرة العلاقات بين البلدين ابتداء من نجاح مجموعة الخميني في سلب انتصار الشعوب الايرانية على نظام الشاه، وهيمنتها على القرار السياسي في ايران، تبرهن من جانب، نية القيادة الايرانية على تخريب العلاقة مع العراق، وإصرارهم على خلق أزمة سياسية تساعدهم على تنفيذ مشروعهم العنصري، وتصدير ثورتهم البائسة خارج الحدود الايرانية، كمقدمة للسيطرة على جنوب العراق وثروته النفطية من جانب، ومن جانب آخر، فأن المراجعة توضح سعي القيادة العراقية إلى بناء علاقات طبيعية مع النظام الجديد على أسس تراعي مصالح البلدين، وتنسجم مع مقومات الجيرة والقوانين والأعراف الدولية.
ومنذ الأيام الأولى لقيام النظام الجديد عبرت القيادة العراقية بشكل رسمي عن رغبتها في تطوير العلاقة مع ايران، وتغاضت عن تصرفات قادة النظام الجديد، وتعاملت بصبر وحلم مع اعتداءاتهم الاستفزازية. أدناه نماذجا من المحاولات التي بذلتها القيادة العراقية لتطوير العلاقات مع النظام الايراني الجديد دون جدوى.
* في الثاني عشر من شباط 1979 وجهت الحكومة العراقية مذكرة رسمية أعربت فيها عن اعتزاز العراق في النصر الذي حققته الشعوب الايرانية بعد نضالها الطويل، وأبدت رغبتها في إقامة الصلات الأخوية وتوطيد علاقات التعاون مع الشعوب الايرانية.
* في الخامس من نيسان 1979 وجه رئيس الجمهورية العراقية المرحوم الرئيس احمد حسن البكر برقية تهنئة إلى الخميني بمناسبة إعلان "الجمهورية الاسلامية" عبر فيها عن رغبة العراق في توطيد العلاقات المشتركة، إلا أن رد الخميني جاء سلبيا ومنافيا لأدنى حدود اللياقة وصيغ التخاطب المتعارف عليها بين رؤساء الدول. برغم هذا الموقف السلبي إلا أن الحكومة العراقية حرصت على التواصل مع القيادة الايرانية، وتفويت الفرصة على أعداء العراق والأمة العربية. فقامت في توجيه دعوة رسمية إلى رئيس الحكومة الايرانية مهدي بازركان لزيارة العراق والتباحث في ملفات العلاقات بين البلدين، وإيجاد سبل تطويرها، إلا أن الجانب الايراني لم يرد على الدعوة.
* في الاجتماع الوزاري لمكتب التنسيق الدائم لدول عدم الانحياز الذي انعقد في كولومبو/سريلانكا عام 1979، قدم العراق اقتراحا لتضمين البيان الختامي نصا "يرحب بانسحاب ايران من حلف السنتو". وكذلك قدم العراق ترحيبا رسميا في انضمام ايران إلى حركة عدم الانحياز.
* على هامش مؤتمر قمة هافانا لدول عدم الانحياز، وبناء على طلب الجانب العراقي، عقد الرئيس صدام حسين لقائين مع وزير الخارجية الايراني ابراهيم يزدي أكد فيهما رغبة العراق في إقامة علاقات التعاون وحسن الجوار.
* إثر تولي أبو الحسن بني صدر مهام منصب رئيس الجمهورية، قام السفير العراقي بتكليف مباشر من رئاسة الجمهورية في زيارته يوم 20 شباط 1980 لنقل تهاني القيادة العراقية.
مقابل الجهود الصادقة للحكومة العراقية ورغبتها في تطوير العلاقة بين البلدين، وتفادي المواجهة السياسية والعسكرية مع القيادة الايرانية، سعى الخميني وأتباعه وبغطرسة عالية لتصعيد الأزمة، وانتهز القادة الايرانيون كل الفرص السياسية والإعلامية للتعبير عن مشاعر العداء للعراق وقيادته الوطنية، وأفصحوا عن عدم رغبتهم في التعامل مع الحكومة العراقية.
فمنذ الأسابيع الأولى التي أعقبت عودة الخميني إلى طهران، وتبلور ملامح النظام الجديد، بدأت العلاقة بين البلدين تتدهور بشكل متسارع نتيجة لقرار القيادة الايرانية تصعيد الأزمة مع العراق تحت ذرائع ما أطلق عليها "تصدير الثورة الإسلامية".
لن نتعرض في هذه المساهمة إلى العمليات الإجرامية التي نفذتها المجاميع العميلة لايران في الجامعة المستنصرية والمدرسة الايرانية في بغداد بإيعاز مباشر من الأجهزة الايرانية، ولن نشير إلى دفع ايران لعناصر عراقية الجنسية للقيام في تظاهرات استفزازية، رفعت شعارات طائفية مهددة لوحدة شعب العراق وقيادته الوطنية. كذلك لن نتعرض إلى قيام القيادية الايرانية في استدعاء فلول الجيب العميل من منافيهم وتقديم الدعم العسكري والمادي لهم، ومساعدتهم على إعادة أنشطتهم التخريبية في شمال العراق بشكل منافي لأحكام "اتفاقية الجزائر". بل سنركز في هذه المساهمة على الاعتداءات الايرانية المباشرة على سيادة العراق وأرضيه وممتلكاته، وعلى التهديدات الايرانية الصريحة لشعب العراق وقيادته.
إن الوقائع تشير إلى أن القيادة الايرانية بدأت إطلاق تصريحاتها المعادية لشعب العراق وقيادته منذ الساعات الأولى لوصولها إلى طهران، إلا أن الحملة المعادية للعراق بدأت تأخذ طابعا أكثر حدة ووضوحا إثر قيام الإذاعة الايرانية بالتحريض على إسقاط الحكومة العراقية، وبعد قيام المتظاهرين الايرانيين في مهاجمة مبنى السفارة العراقية والقنصليات العراقية وكوادرها. أدناه استعراضا لأهم تلك التجاوزات والتهديدات الاستفزازية التي شكلت انتهاكا صريحا للسيادة العراقية، وتهديدا جديا لأمن العراق واستقلال شعبه واستقرار نظامه السياسي.
* تعرض مبنى السفارة العراقية في طهران إلى العديد من الاعتداءات والاستفزازات، كما تعرض منتسبيها إلى الإهانات والاعتداءات الجسدية وإلى تهديدات مباشرة بالقتل.
* تعرضت القنصلية العراقية في المحمرة إلى أربع اعتداءات خلال الفترة من 11 إلى 26 تشرين الأول/أكتوبر 1979. حيث حطمت أبواب ونوافذ بناية القنصلية وأحرقت سجلاتها، واعتدي على موظفيها بالضرب. وفي 11 كانون الثاني 1980 هاجمت عصابات الأمن الايرانية بناية القنصلية مجددا، فتم مصادرة وثائق القنصلية وإنزال العلم العراقي وتمزيقه. هذا الانتهاك الواضح لحرمة مؤسسة سيادية يشكل مخالفة صريحة للأعراف الدبلوماسية، وخرقا واضحا لميثاق الأمم المتحدة وبروتوكولات جنيف.
* في 22-6-1979 نشرت مجلة "الحوادث" البيروتية خبرا مفاده أن وزير خارجية ايران أبلغ السفير العراقي في طهران بأن حكومته ليست راضية عن اتفاقية 1975، وقال "من قال لكم أننا راضون على ذلك الاتفاق، فما زال الحساب بيننا وبينكم مفتوحا وهنالك أمور كثيرة سنطالبكم بها".
* في الثامن من نيسان 1980 صرح وزير خارجية ايران بأن "عدن وبغداد يتبعان بلاد فارس".
* في التاسع من نيسان صرح صادق قطب زادة بان حكومته قد قررت إسقاط النظام العراقي، وأن الحكومة الايرانية لا تتمسك باتفاقية الجزائر.
* في 17 نيسان ألقى الخميني خطابا قال فيه "إن النظام العراقي الذي يهاجم ايران إنما يهاجم القرآن والإسلام وأن ايران ستأخذ العراق وسنتقدم إلى بغداد".
* في 19 نيسان 1980 نشرت صحيفة "جمهوري إسلامي" تصريحا للخميني جاء فيه "إن واجب العراقيين والشعب العراقي الإطاحة بهذا الحزب البعثي".
* في مقابلة أجرتها الإذاعة الايرانية باللغة العربية في 23 نيسان 1980، أعلن صادق قطب زادة "أن الشعب الايراني أصبح مهيئا لمناصرة الشعب العراقي، وأضاف أن بلاده لن تعرف طعم الراحة والطمأنينة والاستقرار ما لم تعمل على إسقاط نظام صدام حسين".
* في نفس اليوم، صرح رئيس أركان القوات الايرانية تصريحا فضح فيه نوايا ايران على احتلال العراق، حيث قال "أن الجيش الايراني قادر على كل شي، وهو ينتظر الأوامر لاحتلال العراق، وأن العراقيين سيفتحون أذرعهم لاستقبال الجيوش الايرانية".
* في 23 نيسان 1980 أصدر "آية الله الشيرازي" بيانا وزع في شوارع طهران والمدن الايرانية الأخرى ورد فيه " ننبه الأمة كلها بأن الوقت قد حان لمعرفة واجبها الأول وهو القضاء على تلك الزمرة البعثية باستخدام جميع الوسائل المتيسرة".
* في مقابلة مع صحيفة "الخليج" في 1-5-1980 سأل أبو الحسن بني صدر "ألا تعتقد أن تصريح الخميني أنه إذا استمر العراق بنهجه وواصل اعتداءاته على ايران، فأن الجيش الايراني سيذهب إلى بغداد لتحرير الشعب العراقي هو تدخل في شؤون العراق"!؟. أجاب بني صدر "إن هذا لا يعتبر تدخلا في شؤون العراق لأننا نعتبر أمة الإسلام أمة واحدة، وأن الإمام قائدها وهو لذلك قائدا لشعب العراق".
* في 14-9- 1980 أعلن الجنرال فلاحي نائب رئيس قيادة الأركان المشتركة لجيش "الجمهورية الإسلامية" في حديث لشبكتي الإذاعة والتلفزيون الايرانية بأن ايران لا تعترف باتفاقية الجزائر الموقعة مع العراق في آذار عام 1975، ولا بالحدود البحرية مع العراق".

الاعتداءات العسكرية الايرانية قبل 22 أيلول 1980
لم تقتصر الاعتداءات والتجاوزات الايرانية على شعب العراق وسيادته على مهاجمة المنشآت الدبلوماسية، وإطلاق التصريحات الاستفزازية، والتهديد في استخدام القوة المسلحة، بل رافقها اعتداءات عسكرية مباشرة على الأراضي والمرافق والممتلكات العراقية.
هذه الممارسات اتخذت صيغ قصف المخافر الحدودية، أسر عسكريين من قوات الحدود، التعرض للطائرات المدنية، إطلاق النار على السفن والبواخر العراقية والأجنبية المارة بشط العرب، غلق الممرات المائية، قصف المدن والمرافق الاقتصادية بالمدفعية الثقيلة والطائرات.
هذه الاعتداءات موثقة ومسجلة في (240) مذكرة رسمية قدمت إلى وزارة الخارجية الايرانية ومودع نسخ منها لدى سكرتارية الأمانة العامة للأمم المتحدة، والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، و"منظمة المؤتمر الإسلامي" وبشكل مفصل.
ففي خلال الفترة الواقعة بين شباط 1979 وأيلول 1980 قام سلاح الجو الايراني بـ (249) اعتداء على الأجواء والأراضي العراقية، وشنت القوات المسلحة الايرانية (244) عدوانا على المخافر الحدودية والأهداف المدنية والمنشات الاقتصادية العراقية. أدناه نماذج للاعتداءات الايرانية المسلحة على الأهداف العراقية خلال الفترة ما بين 4/7/1980 و22/9/1980، هذه الاعتداءات موثقة بشكل لا يقبل الخلاف والجدل.
* في 28 تموز/1980 قصفت المدفعية الايرانية الثقيلة مخفر الشيب العراقي بالمدفعية الثقيلة.
* في 27 آب/أغسطس أعلنت إذاعة طهران، وفقا لما نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية في 29 آب 1980، بأن المعارك قد أخذت حجما أكثر خطورة بعد اندلاع المعارك في منطقة قصر شيرين وامتداتها إلى معظم المراكز الحدودية. وأعلنت أن القوات المسلحة الايرانية قد استخدمت في عملياتها لأول مرة صواريخ أرض- أرض.
* في 4/9/1980 احتلت القوات الايرانية مناطق زين القوس وسيف سعد وهي أراض عراقية منزوعة السلاح، اعترفت الحكومة الايرانية في ملكيتها العراقية في "اتفاقية الجزائر" عام 1975، واستخدموها في قصف مناطق مندلي وخانقين وزرباطية بالمدفعية الثقيلة.
* في 4/9/1980 فتحت القوات الايرانية نيران المدفعية الثقيلة من عيار 175 ملم مجددا على مدن خانقين وزرباطية والمنذرية، وكذلك على قاطع مندلي ومصفى الوند والمنشآت النفطية في نفط خانة مسببة خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات.
* عاودت القوات الايرانية قصفها للمدن والمواقع العراقية يومي 5 و6/أيلول مستهدفة المنشآت الاقتصادية والمخافر الحدودية، فردت القوات العراقية على الاعتداءات بقصفها مدينتي قصر شيرين ومهران.
* في يوم 7 أيلول 1980 تكرر القصف الايراني على المدن والمنشات الاقتصادية العراقية وخاصة النفطية منها.
* في الثامن من أيلول اضطرت القوات العراقية إلى إزاحة قوات الاحتلال الايراني من منطقة زين القوس. في اليوم ذاته سلمت الحكومة العراقية القائم بالأعمال الايراني مذكرة بهذا الخصوص، وأبلغته رسميا بعدم وجود أطماع عراقية في الأراضي الايرانية.
* في العاشر من أيلول حررت القوات العراقية منطقة "سيف سعد" العراقية من سيطرة القوات الايرانية.
* في يوم 16 أيلول أعلنت الحكومة الايرانية إغلاق أجوائها في وجه الملاحة الأجنبية، وباشرت قصفا مكثفا لمنطقة لشط العرب والموانيء العراقية دمرت فيها سفن ومراكب عراقية وأجنبية. تفاصيل الخسائر موثقة لدى وكالة التأمين الدولية "لويدز".
* في 12 أيلول فتحت القوات الايرانية نيران مدافعها وأسلحتها الخفيفة على سفينة التدريب العراقية "ماجد" أثناء مرورها قرب جزيرة أم الرصاص في شط العرب، ودمرت كذلك عدد آخر من السفن الأجنبية والعراقية الراسية والمارة في شط العرب.
* في 12 أيلول نشرت الصحف العالمية تصريحات ايرانية تشير إلى قيام القوات الايرانية بقصف أهداف عسكرية في العراق، في ضمنها قصف 6 مطارات ومنشات عسكرية وتبجحت في قتل 47 عراقيا.
* في يوم 16/9 فتحت القوات المسلحة الايرانية نيران مدافعها على منطقة أم الرصاص، وقصفت آبار النفط المرقمة (4) و(5) في قاطع ميسان، وكذلك قصف محطة عزل الغاز.
* في 18 أيلول بدأت القيادة المشتركة لجيش "الجمهورية الإسلامية الايرانية" بإصدار بيانات عسكرية أذيعت من إذاعة طهران. حيث أصدرت القيادة الايرانية ثمان بيانات جاء في الأول منها الصادر في18 أيلول "أن القوات الايرانية دمرت منشآت نفطية داخل الحدود العراقية". وورد في البيان الثالث، الصادر يوم 19 أيلول "أن القوات الايرانية المسلحة استخدمت السلاح الجوي في العمليات العسكرية"، وفي البيان الرابع الصادر يوم 19 أيلول تبجحت القيادة العسكرية الايرانية في إشعال النيران في حقول نفط خانة العراقية. وفي البيان السابع الصادر يوم 12 أيلول أعلنت القيادة الايرانية النفير العام تنفيذا لأوامر رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة.
بالرغم من أن جميع هذه الاعتداءات الموثقة وقعت أحداثها قبل الرد العراقي الوقائي الشامل في يوم 22 أيلول، إلا أن النظام الايراني المتغطرس مازال مصرا على أن العراق هو الطرف البادىء بالحرب، وأن الحرب قد بدأت يوم 22 أيلول.
إلى جانب الأدلة المقدمة أعلاه، فأن مسؤولية الطرف الايراني في شن الحرب يمكن حسمها قانونيا إذا ما أخضعنا ممارسات النظام الايراني خلال الفترة التي سبقت 22/9/1980 إلى مبادىء القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة وخاصة القرار المعرف للعدوان.
لقد شخصت المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة مفهوم العدوان بشكل محدد لا لبس فيه، وأعطت المادة المذكورة الحق لدولة ما في استخدام القوة للدفاع عن وجودها ومصالحها ضد العدوان الأجنبي. وحددت الجمعية العامة بقرارها المرقم (3314) في جلستها المرقمة (2319) في 14-2-1974 الممارسات التي تعد عدوانا، حيث عرفت العدوان بـ"استعمال القوة المسلحة من قبل دولة ما ضد سيادة دولة أخرى أو سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي أو بأية صورة أخرى تتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة". ووصفت المادة الثالثة من القرار المذكور بوضوح الحالات التي تنطبق عليها صفة العدوان وكما يلي:
1 - قيام القوات المسلحة لدولة ما بغزو إقليم دولة أخرى، أو الهجوم عليها، أو أي احتلال عسكري وإن كان مؤقتا لأراضيها، أو ضم لإقليم دولة أخرى أو لجزء منه باستعمال القوة.
2 - قيام القوات المسلحة لدولة ما برمي القنابل والمتفجرات على أراض دولة أخرى، أو استخدام دولة ما أي نوع من الأسلحة ضد إقليم دولة أخرى.
3 - فرض الحصار على موانىء دولة ما أو على سواحلها من قبل القوات المسلحة لدولة أخرى.
4 - قيام القوات المسلحة لدولة ما بمهاجمة القوات المسلحة البرية أو البحرية أو الجوية، أو مهاجمة الأسطولين التجاري البحري والجوي لدولة أخرى.

هل تنطبق صفات العدوان الأربع أعلاه على ممارسات النظام الايراني تجاه شعب العراق قبل الثاني والعشرين من أيلول 1980؟
أولا: لقد سبق للحكومة الايرانية أن احتلت بتاريخ 4/9/1980 أراض منزوعة السلاح سبق للحكومة الايرانية أن اعترفت بعائديتها للعراق في "اتفاقية الجزائر" 1975 (منطقتي سيف سعد وزين القوس). وعلى الرغم من أن الاتفاقية المذكورة نصت على إعادة الأراضي المذكورة إلى العراق، إلا أن ايران لم تنفذ التزاماتها. بعد زحف القوات الايرانية واحتلال تلك المناطق في الرابع من أيلول، تم استخدامها لتدمير المدن والمرافق الحدودية العراقية. من الواضح أن هذه الممارسات تنطبق عليها أحكام الفقرة (1) من وصف الأمم المتحدة لحالة العدوان.
ثانيا: في الرابع من أيلول والأيام التالية فتحت القوات الايرانية مدفعيتها الثقيلة من عيار 175 ملم على مدن خانقين ومندلي وزرباطية والنفط خانة مما أدى إلى إلحاق أضرار مادية وبشرية جسيمة بتلك المدن والمنشآت العراقية. هذا الممارسات العدوانية تنطبق عليها الفقرة (2) من تعريف العدوان المعتمد من قبل الهيئة الدولية، وبالتالي فأن ايران هي الطرف المعتدي وأن للعراق الحق المشروع في رد العدوان على شعبه.
ثالثا: ابتداء من 19/9/1980 شرعت ايران في توسيع نطاق الأزمة من خلال غلقها لمضيق هرمز وشط العرب بوجه الملاحة العراقية. هذا التصرف الاستفزازي شكل تهديدا جديا للأمن الاقتصادي العراقي، لكون شط العرب يمثل المنفذ المائي الوحيد للعراق إلى البحر. هذا التوسيع تنطبق عليه الفقرة (3) من قرار الجمعية العامة في وصف العدوان.
رابعا: خلال الفترة التي سبقت الثاني والعشرين من أيلول، قامت القوات الايرانية في مهاجمة الطائرات المدنية العراقية، وأجبر سلاح الجو الايراني أحدها إلى الهبوط داخل الأراضي الايرانية. كما قامت القوات المسلحة الايرانية في ضرب السفن التجارية المدنية العراقية بالمدفعية وسلاح الطيران. تفاصيل هذه التصرفات العدوانية موثقة في بيانات ايرانية رسمية صدرت يومي 18 و19 أيلول، لا غبار في أن هذه الممارسات ينطبق عليها الوصف الوارد في الفقرة (4) من قرار الجمعية العامة.
بالإضافة إلى كل ما سبق عرضه من قرائن وأدلة على مسؤولية ايران في اندلاع النزاع المسلح بين البلدين، وأن هذا النزاع قد بداء في الرابع من أيلول وليس في 22 أيلول، هنالك دليل آخر يضاف إلى ما سبق استنتاجه عن مسؤولية ايران. فلقد سبق للسلطات العراقية أن أسرت الطيار الايراني (لشكري) بعد إسقاط طائرته فوق الأراضي العراقية، بالقرب من مدينة كركوك قبل 22/9/1980، وهذا الطيار الأسير كان آخر أسير حرب يسلم إلى الحكومة الايرانية. ولا شك في أن تاريخ أسره يمثل دليلا دامغا على قيام ايران في الاعتداء على المدن العراقية قبل 22 أيلول.

استنادا إلى الأدلة والقرائن المقدمة أعلاه فان الحكومة الايرانية تتحمل المسؤولية الكاملة لاندلاع الحرب، وأن القوات الايرانية هي الطرف البادىء بالحرب في الرابع من أيلول 1980.
ثمة نقطتين مهمتين نرى من الضروري طرحها لإعطاء القارىء صورة كاملة عن جوانب النزاع.
النقطة الأولى: تتعلق في اتفاقية الجزائر الموقعة عام 1975. لقد اضطر العراق إلى القبول بالاتفاقية وما تضمنته من إجحاف للسيادة العراقية على شط العرب نتيجة للظروف العسكرية الحرجة التي كان يمر بها القطر آنذاك، والناجمة عن الاتفاق "الاسرائيلي" - الايراني ودعمهم للعصيان الكردي المسلح في شمال العراق. لقد واجهت القيادة العراقية في تلك المرحلة خيارين صعبين، فإما الوصول إلى اتفاق مع الحكومة الايرانية والقبول في شروطها المجحفة، أو تعريض وحدة الأراضي العراقية إلى مخاطر انسلاخ شمال العراق عن الوطن. فاختارت القيادة الخيار الأول وهو الوصول إلى اتفاق مع نظام الشاه بعد أن أصر الملا مصطفى البرزاني على الاستمرار في القتال بناء على تعليمات "اسرائيلية".
بعد توقيع الاتفاقية، قامت الحكومة العراقية في تنفيذ جميع التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاقية، في حين نفذت ايران الفقرات التي تحقق لها مكاسب جغرافية وسياسية، وتلكأت في تنفيذ الفقرات الأخرى وخاصة إعادة منطقتي زين القوس وسيف سعد إلى العراق.
ولم يكن موقف نظام خميني من تنفيذ الفقرة الأولى من الاتفاقية أفضل من نظام الشاه، فلقد رفضت القيادة الايرانية الجديدة الاعتراف بها وكما سبق توضيحه في هذه المساهمة، وألغتها عمليا في الرابع من أيلول إثر قيامها بالزحف على منطقتي سيف سعد وزين القوس واحتلالها عسكريا واستخدامها في قصف المدن العراقية. إزاء هذا الموقف لم يكن أمام القيادة العراقية إلا إلغاء الاتفاقية بعد أن ألغتها ايران، فأعلن مجلس قيادة الثورة في 19/9/1980 إلغاء اتفاقية الجزائر.
نسوق هذه الحقائق للرد على اللذين يتهمون العراق في انتهاز فرصة الارتباك الذي عانت منه ايران بعد تغيير النظام وشن الحرب على ايران للتخلص من الإجحاف الذي ألحقته الاتفاقية في حقوق العراق وسيادته التاريخية على شط العرب. العراق لم يكن في حاجة للتخلص من تبعات الاتفاقية باستخدام الخيار العسكري بعد أن ألغتها ايران.

أما النقطة الثانية: فتتعلق بالموقف الدولي من مسألة تحديد الطرف المسؤول عن شن الحرب وبالتالي تحمل تبعاتها القانونية. فلغاية شهر كانون الأول/ديسمبر1991 لم يكن هنالك أي موقف رسمي صادر عن دولة أو هيئة دولية يحدد الطرف المسؤول عن نشوب الحرب. لكن في 9/12/1991 أصدر الأمين العام للأمم المتحدة الأسبق خافير دي كويلار وبشكل مناقض لمهام الأمين العام، ومخالف لميثاق المنضمة، وثيقة مشبوهة حمل فيها العراق مسؤولية شن الحرب. الوثيقة المرقمة (23273/أس) نصت على "أن الهجوم على ايران يوم22/9/1980 لا يمكن تبريره في إطار ميثاق الأمم المتحدة أو أية قواعد أو مبادىء معترف بها في القانون الدولي أو أية مبادىء أخلاقية دولية، وهو ينطوي على المسؤولية عن الصراع".
إصدار الوثيقة المذكورة جاء نتيجة اتفاق أمريكي – ايراني لتبادل مواطنين أمريكان اختطفوا من قبل "حزب الله" في لبنان، كشف تفاصيله السيد جيادو مينيكوبيكو وكيل الأمين العام للأمم المتحدة الأسبق في كتاب نشر مؤخرا وكتب عنه الدكتور عبد الواحد الجصاني مقالا قيما نشر في موقع "البصرة" يوم الخميس 30/8/2006.
موقف الأمين العام، كما أشرنا يتناقض مع كل الوقائع القانونية ومخالف لقرارات مجلس الأمن المتعلقة بالنزاع العراقي- الايراني، والواقع أن الوثيقة ذاتها تحمل تناقضا كبيرا لا يؤهلها لأن تكون وثيقة يمكن الاعتماد عليها قانونيا في تحميل العراق مسؤولية شن الحرب.

مسؤولية ايران في إطالة الحرب
إذا كان ثمة تباين في تحديد الجانب المسؤول عن شن الحرب، أو وجود خلاف على تحديد التاريخ الفعلي لانطلاقها، فأن مسوؤلية القيادة الايرانية عن إطالة الحرب وبالتالي تحمل تبعاتها القانونية والأخلاقية المدمرة مسلمة لا يمكن لأي مراقب موضوعي، أو مؤرخ منصف القفز عليها وإنكارها.
فالقيادة الايرانية و"مرشدها الأعلى الخميني" يتحملون المسؤولية الكاملة لإطالتها من خلال رفضهم لجميع المبادرات المقدمة لإنهاء النزاع، ورفضهم الانصياع لأحكام الدين ومنطق الحكمة، وإصرارهم على رفع شعارات عقيمة، واعتمادهم على حسابات خاطئة، ومراهنتهم على خيار إطالة الحرب كوسيلة لإلحاق الهزيمة في شعب العراق وقواته المسلحة.

كيف يمكن تثبيت مسوؤلية القيادة الايرانية في إطالة الحرب؟؟.
المسوؤلية الايرانية عن إطالة الحرب يثبتها رفض القيادة الايرانية لجميع المبادرات والمقترحات سواء تلك التي عرضتها القيادة العراقية، أو التي قدمتها الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية.
لقد رفض الخميني، "المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية"، جميع المبادرات التي طرحت لإنهاء النزاع بين البلدين، وراهن على خيار مواصلة الحرب. ففي حديث بثه راديو طهران في 27/9/1980، قال الخميني "نحن على استعداد لإرسال جميع أبنائنا لمحاربة الخونة بل وللحرب حتى آخر جندي لنا"!!.
مواقف أعضاء القيادة السياسية الايرانية لم تختلف عن موقف مرشدهم الأعلى. ففي تقرير لوكالة (رويتر) للأنباء بث من بيروت في 23/2/1981، أكد هاشمي رفسنجاني رئيس "مجلس الشورى" الايراني "أن طهران لن تنظر في أي اتفاق لوقف إطلاق النار مع العراق ما لم تتم الإطاحة بالحكومة البعثية"!!. هذا الموقف العدائي المتعنت استمر حتى صيف 1988 عندما اضطرت القيادة الايرانية لقبول إطلاق النار إثر هزائمها العسكرية المتتالية وعجزها عن مواصلة القتال.
إن رصد الجهود المقدمة لوقف الحرب وموقف الحكومتين العراقية والايرانية الرسمي منها، يقدم لنا صورة جلية عن تعنت القيادة الايرانية وإصرارها الأهوج على مواصلة القتال، ويساعدنا على تحديد الطرف المسؤول عن استمرار الحرب.
سنقدم في الفقرات القادمة عرضا مسهبا لمبادرات السلام التي رفضتها القيادة الايرانية، سواء تلك التي قدمتها القيادة العراقية، أو التي قدمت من مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، أو من حركة دول عدم الانحياز، أو منظمة المؤتمر الإسلامي ومبادرات أطراف أخرى. وسنركز على المبادرات المقدمة خلال الفترة من 23 أيلول 1980، إلى نهاية عام 1984، لكون أنّ معظم مبادرات حل النزاع قد قُدمت إبان تلك المرحلة.

1 - مبادرات السلام التي قدمتها القيادة العراقية
قدمت القيادة العراقية العديد من المبادرات الهادفة لوقف إطلاق النار وإيجاد حل شامل ونهائي للنزاع بين البلدين. تلك المبادرات تم عرضها من موقع النصر والاقتدار، وانطلاقا من المسؤولية الإنسانية للقيادة العراقية، وحرصها على مواصلة عملية البناء الاقتصادي والاجتماعي وليس من موقع الضعف والهزيمة كما حاولت القيادة الايرانية تفسيرها. كل تلك المبادرات رفضتها القيادة الايرانية نتيجة لحساباتها الخاطئة. أدناه موجزا لأهم المبادرات المقدمة من القيادة العراقية.
* في 28/9/1980، وبعد ستة أيام من الرد العراقي الكبير على الاعتداءات الايرانية، عرض العراق رسميا على ايران السلام. وأعربت القيادة العراقية استعداها التام للانسحاب من الأراضي الايرانية، وإقامة علاقات طبيعية مع ايران، وأكدت أن مطالب العراق لا تتجاوز استعادة حقوقه الوطنية المشروعة.
* في الأول من تشرين الأول/أكتوبر اقترح العراق وقف إطلاق النار خلال الفترة من 5 إلى 8 تشرين الأول 1980.
* في المؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيس صدام حسين بتاريخ 10/11/1980 أكد السيد الرئيس "أن في الوقت الذي يكون فيه المسؤولون الايرانيون في وضع يمكنهم من أن يعترفوا بحقوقنا سوف ننسحب من أراضيهم". وأضاف" نحن نحترم الطريق الذي اختاروه وعليهم أن يحترموا الطريق الذي اخترناه في الحياة".
* في خطاب للرئيس صدام حسين في الذكرى الستين لتأسيس الجيش العراقي في 6/1/1981 أكد السيد الرئيس "أن العراق مستعد أتم الاستعداد للانسحاب من الأراضي الايرانية، وإقامة علاقات طبيعية مع ايران تقوم على أساس احترام السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية".
* في الخطاب الذي ألقاه الرئيس صدام حسين في الجلسة المغلقة لمؤتمر القمة الإسلامي الذي انعقد في الطائف في كانون الثاني 1981، أكد مواقف العراق السابقة من إنهاء الحرب، وجدد بأن "العراق على أتم الاستعداد لإعادة الأراضي الايرانية التي احتلت في الحرب".
* في حديث للرئيس صدام حسن مع مقاتلي الجيش الشعبي في 14/9/1981، أكد "إننا حاضرون فورا لإيقاف الحرب".
* لدى استقباله الوفود النسوية المشاركة في مؤتمر الاتحاد النسائي العربي في 5/11/1981 أكد الرئيس صدام حسين حب العراق للسلام واستعداد القيادة العراقية لإيقاف القتال وإقامة علاقات حسن الجوار".
* خلال جلسات مؤتمر قمة دول عدم الانحياز المنعقد في نيودلهي عام 1983 قدم العراق اقتراحا لتشكيل لجنة دولية للتحكيم تتولى مهمة تحديد مسؤولية الطرف البادىء بالحرب، وتحديد الجانب المسؤول عن استمرارها. وقد جدد العراق الدعوة في مؤتمر القمة الإسلامي الرابع في الدار البيضاء بالمغرب سنة 1984.
* في 16/2/1983 أعلن الرئيس صدام حسين "أنني مستعد للتفاوض في أي وقت يراه الخميني، ومستعد للالتقاء به في أي مكان يشاء حتى ولو كان المكان في طهران" تبعا لما أوردته صحيفة (الأهرام) في عددها الصادر يوم 17/2/1983.
* أرسل الرئيس صدام حسين عدة رسائل مفتوحة للشعوب الايرانية أكد فيها رغبة العراق الحقيقية في السلام. وناشد القيادة الايرانية فيها بالتوقف عن اعتداءاتهم وأن يجنحوا للسلام. الرسالة الأولى أرسلت في 15/2/1983 والثانية في 4/3/1983 وتم توجيه الرسالة الثالثة في 7/5/1983.
2 - قرارات مجلس الأمن ودعوات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
أصدر مجلس الأمن عدة قرارات طالب فيها الطرفين بوقف إطلاق النار، وحل النزاع عن طريق التفاوض. كذلك وجهت الجمعية العامة للأمم المتحدة في جميع دوراتها المنعقدة خلال الأزمة دعوات إلى الطرفين لوقف النزاع المسلح. رفضت القيادة الايرانية جميع تلك القرارات والدعوات باستثناء قرار مجلس الأمن (598) الصادر في 1987، والذي قبلته ايران في آب 1988.

أدناه أهم القرارات والدعوات الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن التي رفضتها ايران.
* في 23 أيلول 1980 وجه السيد كورت فالدهايم الأمين العام للأمم المتحدة حينذاك نداء لحكومة البلدين طالب فيه ضبط النفس والتوقف عن استخدام القوة، وتسوية المشاكل القائمة بين البلدين بالطرق السلمية.
* في 28 أيلول 1980، أصدر مجلس الأمن الدولي في جلسته المرقمة (224) القرار رقم (479)، دعا فيه البلدين إلى الوقف الفوري للعمليات العسكرية، وحل النزاع بما ينسجم مع مبادىء العدل وأسس القانون الدولي. في اليوم التالي لصدور القرار أعلن العراق القبول به والالتزام بفقراته، إلا أن الحكومة الايرانية رفضت القرار.
* أصدر مجلس الأمن القرار المرقم (514) لسنة 1982، دعا فيه إلى الوقف الفوري لإطلاق النار وإنهاء جميع العمليات العسكرية، وطالب في انسحاب قوات البلدين إلى الحدود المعترف بها دوليا.
* في 4 تشرين الأول/أكتوبر 1982، أصدر مجلس الأمن القرار (522)، شجب فيه إطالة الحرب وتصعيد الصراع بين البلدين، ودعا إلى الوقف الفوري للحرب. وقد سجل مجلس الأمن في هذا القرار ترحيبه باستعداد العراق للتعاون في تنفيذ قرار المجلس رقم (514) في 1982.
* في تشرين الأول 1983، أصدر مجلس الأمن القرار المرقم (540) الداعي للوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية، وأكد على حق حرية الملاحة والتجارة في المياه الدولية.
* قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 22 تشرين الأول 1982، والذي أكد ضرورة التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار وإلى انسحاب قوات البلدين إلى الحدود الدولية.
* نتيجة لرفض القيادة الايرانية قرارات مجلس الأمن ودعوات الأمين العام والجمعية العمومية، كلف الأمين العام السيد أولف بالمه رئيس وزراء السويد القيام بمهمة مبعوث دولي لتحقيق السلام بين العراق وايران. قام السيد بالمة يرافقه المستشار النمساوي برونو كرايسكي بخمسة جولات لتحقيق السلام، فشلت جميعها بسبب التعنت الايراني، ورفض القيادة الايرانية التعامل مع المبادرة بشكل ايجابي.
كنموذج للموقف السلبي، وغير العقلاني للقيادة الايرانية من مبادرة السيد أولف بالمة نورد تصريح محمد علي رجائي رئيس الحكومة الايرانية حينذاك لإذاعة (مونت كارلو) في 18/11/1980، حيث قال رجائي "إن مهمة المبعوث الدولي لن تغير شيئا بالنسبة للحرب، وأن الحرب يحسمها أولئك اللذين يتقاتلون وليس السيد أولف بالمه أو أية هيئة دولية"!. بعد 17 عشر شهرا وخمسة جولات عمل في البلدين أعلن السيد بالمه بأن جميع محاولاته في التوسط بين البلدين قد وصلت إلى طريق مسدود.
* في 25/5/1982، وجه الأمين العام الجديد دي كويلار رسائل إلى حكومتي الدولتين عارضا التوسط لإنهاء الحرب بعد حصوله على تخويل مجلس الأمن لا يجاد السبل الكفيلة بإيقاف الحرب. قبل العراق الدعوى ورفضتها ايران. الرفض الايراني جاء عبر "فراساتي" مندوب ايران الدائم في الأمم المتحدة. حين صرح "أن ايران لا تقبل المبادرة وأنها تعارض اجتماع مجلس الأمن، وأن الاجتماع غير ضروري وأنها ترفض أوراق العمل المقدمة للمجلس بخصوص النزاع".
* في 12/6/1984 أعلن الأمين العام ديكويلار رغبة مجلس الأمن في ضرورة التزام الطرفين بقرارات مجلس الأمن السابقة ووقف النزاع بين البلدين، وخاصة قرار المجلس رقم (540) الصادر في 31 تشرين الأول عام 1983.

3 - مبادرات منظمة المؤتمر الإسلامي "لجنة المساعي الحميدة".
قد يكون من المفيد أن نثبت بأن الجهود الإسلامية لوقف النار وتسوية النزاع المسلح بين ايران والعراق بدأت في وقت مبكر جدا من الأزمة، وبعد نشوب الحرب في 4-9- 1980 مباشرة. ففي 15/9 شكلت باكستان ودول إسلامية أخرى فريقا مكونا من وزراء خارجية للعمل على إيجاد السبل الكفيلة بوقف إطلاق النار بين البلدين وإجراء مفاوضات بين بغداد وطهران (تقرير وكالة "رويتر" من بيروت 16-9-1980).
* بين 27 – 28 أيلول أجرى الرئيس الباكستاني محمد ضياء الحق والسيد الحبيب الشطي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي مباحثات موسعة مع قيادة البلدين. رحب العراق بمبادرتهم واستقبلهم الرئيس العراقي وتعهد على التعاون من أجل إنجاح مساعيهم، إلا أن الخميني رفض استقبال الوفد معلنا "أن الحرب ستستمر حتى آخر جندي ايراني".
* في 6 تشرين الأول 1980، جددت المنظمة مبادرتها فأكد العراق رسميا قبول المبادرة وإطارها، وأكد عدم وجود نوايا عراقية للبقاء في الأراضي الايرانية. لكن القيادة الايرانية كعادتها رفضت قبول المبادرة.
إحدى الأفكار التي طرحتها اللجنة من خلال السيد الحبيب الشطي "وقف العمليات الحربية بين البلدين خلال فترة الحج الواقعة بين 8 إلى 22 تشرين الأول وفقا لأحكام الشريعة التي تحرم القتال في هذا الشهر المبارك للأمة الإسلامية. استجاب العراق رسميا لكن القيادة الايرانية رفضت الفكرة.
* في 12 تشرين الأول زار الحبيب الشطي طهران وصرح أثناء زيارته وفقا لما نشرته صحيفة (السفير) اللبنانية يوم 12 تشرين الأول "إن موقف ايران لا يزال بعيدا جدا عن موقف العراق، وأن ايران مصرة على عدم إجراء مفاوضات أو القبول بوقف للعمليات العسكرية".
* إثر مؤتمر الطائف تشكلت لجنة المساعي الحميدة التي قامت بثلاث جولات بين البلدين. الأولى في آذار 1981، الثانية في تشرين الأول 1981، والثالثة في آذار 1982، طرحت اللجنة مجموعة من الأفكار لحل الأزمة قبلها العراق دون تحفظ، إلا أن ايران رفضت المقترحات لقناعتها بقدرتها على تحقيق مكتسبات ونتائج من خلال ساحات القتال لا من خلال منضدة المفاوضات.
* في 6 تشرين الأول 1981 قدم السيد الحبيب الشطي اقتراحا جديدا تضمن إجراء تحقيق لتحديد مسؤولية الطرف البادىء في الحرب، يصاحبه وقف إطلاق النار وانسحاب القوات العراقية من الأراضي الايرانية.
* في آذار 1982 توجه الرئيس الغيني احمد سيكوتوري مع أعضاء لجنة المساعي الحميدة إلى بغداد طارحا أفكارا جديدة قبلها العراق، إلا أن ايران رفضت المبادرة من خلال تصريح رئيس الجمهورية علي خامنئي نشرته صحيفة (السفير) اللبنانية في عددها الصادر يوم 20/3/1982. "إن ايران ستقاتل حتى انتصار الإسلام، وأن تجديد الوساطات لإنهاء الحرب رتبت بإيحاء من أمريكا لسلب ايران انتصارها من ميدان المعركة"!!.
* في 29/4/1982 تقدمت اللجنة بخطة مكونة من أربع نقاط لإنهاء الصراع المسلح بين البلدين، رفضت ايران المبادرة وقبلتها الحكومة العراقية كما نقلت صحيفة (الرأي العام الكويتية) في عددها الصادر في 29/4/1982.
* في 16/2/1983 أعلنت القيادة العراقية استعدادها للتفاوض مع ايران في أي وقت أو مكان تحدده القيادة الايرانية للتفاوض وإن كان المكان في طهران وفقا لما نشرته صحيفة (الأهرام) القاهرية في عددها الصادر يوم 17/2/1983.
* في 19/12/1984 طالب المؤتمر الإسلامي في دورته الخامسة عشر المنعقدة في صنعاء في ضرورة لجوء الطرفين للمفاوضات ووقف العمليات العسكرية.

4 - مبادرات منظمة عدم الانحياز/لجنة النوايا الحسنة.
في 20 تشرين الأول 1980 أعلن مكتب التنسيق التابع لحركة عدم الانحياز عن تشكيل لجنة وزارية لإيجاد حل للنزاع المسلح بين العراق وايران. فتشكلت لجنة أطلق عليها اسم لجنة "النوايا الحسنة " برئاسة السيد ايسيدرو مالميركا وزير خارجية كوبا وعضوية وزراء خارجية كل من الباكستان وزامبيا والهند ومنظمة التحرير الفلسطينية. بعد ساعات قليلة من إعلان تشكيل اللجنة، أذاع راديو طهران نص رسالة رئيس الجمهورية الايراني طالب فيها البلدان الأعضاء في منظمة عدم الانحياز "إدانة العراق" كشرط مسبق لاستقبال اللجنة في طهران. مقابل هذا التعنت الايراني، أعلنت الحكومة العراقية قبولها التعامل مع اللجنة دون شروط مسبقة.
* في 13/5/1981 أصدرت لجنة "النوايا الحسنة" بيانا أعربت فيه عن ارتياحها لنتائج اجتماعاتها في بغداد، وأشادت باستعداد العراق الدائم للتعاون مع اللجنة وفقا لما ورد في خبر نشرته صحيفة (الرأي) الأردنية الصادرة في اليوم المذكور. إلا أن أعضاء اللجنة أصيبوا بإحباط شديد إثر مقابلتهم محمد علي رجائي في طهران، حيث أخبرهم "بأن الرحلات المكوكية بين طهران وبغداد لا تنفع بشي، وأن مصير الحرب سيتقرر على الجبهات".
* في 8 آب 1981، أطلقت اللجنة محاولة جديدة فزارت بغداد وطهران إلا أنها أخفقت في تحقيق نتائج ايجابية.
* في 12/3/1983 أعلنت رئيسة وزراء الهند ورئيسة مؤتمر دول عدم الانحياز السيدة أنديرا غاندي مبادرة جديدة لإنهاء الحرب إثر انعقاد المؤتمر.
* في 16/8/1984 قدمت حركة عدم الانحياز مبادرة جديدة لإنهاء الحرب بالاشتراك مع جمهورية مصر العربية رفضتها ايران وقبل بها العراق.

5 - مبادرات سلام أخرى رفضتها القيادة الايرانية
إلى جانب المبادرات المفصلة أعلاه، هنالك مبادرات أخرى تقدمت بها شخصيات وهيئات دولية أهمها:
* مبادرة قدمها مؤتمر كولمبو الإسلامي المنعقد في 1981، حيث اتخذ المؤتمرون قرارا بضرورة وقف إطلاق النار واللجوء للصلح.
* مبادرة قدمها المؤتمر الإسلامي الشعبي الأول عام 1983، حيث اتخذ المؤتمرين قرارا بتأليف لجنة لإصلاح البين وفقا لمبادىء الدين الإسلامي الحنيف، إلا أن ايران رفضت استقبال اللجنة.
* مبادرة الندوة الإسلامية العالمية في إسلام – أباد الباكستنانية عام 1984 التي دعت إلى إنهاء الحرب.
* مبادرة الندوة الإسلامية العالمية في دكار/السنغال عام 1985 التي رحبت بمواقف العراق واستجابته لنداءات الصلح ووجهت نداء إلى النظام الايراني طالبت فيه وقف الحرب والدخول في مفاوضات لإنهاء النزاع.
* مبادرة المؤتمر الإسلامي الشعبي الثالث المنعقد في بغداد عام1985، التي دعت قيادة البلدين للوقف الفوري للقتال والعودة إلى الحدود الدولية، والتفاوض المباشر للوصول إلى حل سريع وعادل ومشرف يحفظ حقوق البلدين.
* إعلان المجموعة الأوروبية في 23 – 9- 1985، ودعوتها إلى الوقف الفوري لإطلاق النار.
لقد أصرت القيادة الايرانية على مواصلة الحرب وأعلن أركانها في أكثر من مناسبة رفضهم التفاوض مع العراق قبل أن يوافق العراق على شروطهم دون أن يفصحوا بشكل واضح عن مطالبهم، وإن أعلنوا، فأن إعلانهم كان ضبابيا ومغالطا باستثناء ما صرح به السفير الايراني في موسكو.
في 29 أيلول 1980 عقد السفير الايراني في موسكو حينذاك "محمد المقرين" مؤتمرا إعلاميا نشرت وقائعه العديد من الصحف الأجنبية بما فيها صحيفة (لوموند) الفرنسية في عددها الصادر يوم 1-10-1980 أعلن فيه، أن إجراء مفاوضات مع العراق يخضع لشروط أساسية منها:
1 - سقوط النظام العراقي وإنهائه.
2 - احتلال ايران لمدينة البصرة العراقية كضمانه أو كغرامة عن خسائر الحرب على أن يتم إجراء استفتاء بعد ذلك في المدينة لتقرير مصير شعبها وتحديد تبعية العراق لايران.
3 - إجراء استفتاء في كردستان العراقية لتقرير مصيرها واستقلالها الذاتي أو إلحاقها بايران.

خاتمة
تأسيسا على ما تم عرضه في الفقرات السابقة وفي ضوء الأدلة والقرائن المقدمة يمكن تثبيت المسلمات التالية:
أولا: إن القيادة الايرانية و"مرشدها الأعلى" الخميني، يتحملون السؤولية الكاملة لاندلاع الحرب.
ثانيا: إن الحرب قد بدأت في الرابع من أيلول 1980 إثر قيام القوات الايرانية في الزحف العسكري على الأراضي العراقية في (سيف سعد) و(زين القوس) واحتلالها ومن خلال مهاجمتها المدن والمنشآت العراقية، وليس في 22 أيلول 1980 كما تدعي ايران.
ثالثا: مسؤولية القيادة الايرانية عن إطالة أمد الحرب من خلال رفضها لجميع المبادرات المقدمة لإنهاء النزاع المسلح بين البلدين.
رابعا: الموقف المسؤول للقيادة العراقية، المستند على ثوابت وطنية وقومية راسخة، ورغبة صادقة في السلام سواء من خلال قبولها جميع قرارات مجلس الأمن، ودعوات الجمعية العامة للأمم المتحدة واستجابتها للمبادرات الدولية المقدمة لوقف النزاع المسلح، أو من خلال المبادرات التي طرحتها لوقف إطلاق النار والدخول في مفاوضات لإيجاد السلام والأمن والتعاون المشترك بين البلدين.
خامسا: مسؤولية القيادة الايرانية عن جميع التبعات الأخلاقية والقانونية للحرب بما فيها تعويض شعب العراق عن الخسائر المالية والاقتصادية والبشرية للحرب.

المصادر
1 - مقررات المؤتمر الإسلامي الشعبي الثاني المنعقد في بغداد نيسان عام 1985.
2 - الرئيس صدام حسين، رغبتنا في السلام من موقع الاقتدار المبدئي العادل، وزارة الثقافة والإعلام، دائرة الإعلام الخارجي، دار الحرية للطباعة، بغداد شباط 1981.
3 - "جهود السلام الدولية لإيقاف الحرب العراقية- الايرانية"، دائرة الإعلام الخارجي"، وزارة الثقافة والإعلام، الجمهورية العراقية"، دار الرشيد للنشر، بغداد 1983.
4 – نزار السامرائي، "قراءة في النزاع العراقي الايراني" دائرة الإعلام الداخلي، وزارة الثقافة والإعلام، الجمهورية العراقية، دار الحرية للطباعة بغداد 1981.
5 - "العداء الايراني للعراق من أقوال خميني وأعوانه"، دائرة الإعلام الخارجي، وزارة الثقافة والإعلام، دار الحرية للطباعة بغداد 1982.
6 - دائرة التوجيه السياسي وزارة الدفاع، الجمهورية العراقية، "الجيش العراقي، الذكرى الستون 6 كانون الثاني 1921-1981"، مطبعة الأديب البغدادية بغداد 1981.
7 - محمد بديع شريف، "القادسية الكبرى، قادسية صدام حسين، التحليل العلمي والسياسي في مسيرة العرب والفرس في التاريخ منذ 539 ق. م. إلى 1984"، دار الجيل للطباعة، جمهورية مصر العربية، 1984.
8 - نقولا الفرزلي ومجموعة من الباحثين، "الصراع العربي الفارسي"، مؤسسة الدراسات والأبحاث، منشورات العالم العربي، باريس 1982.
9 - عبد الواحد الجصاني، "للعراق كل الحق في مطالبة ايران بتعويضات الحرب"مقال منشور في موقع "البصرة" في 31/8/2006.
http://www.albasrah.net/pages/mod.php?mod=art&lapage=../ar_articles_2006/0806/jsani_310806.htm
10 - آفاق عربية، مجلة فكرية شهرية عامة، بغداد العراق، أعداد متفرقة.
11 - صحف ومجلات ودوريات عربية وعالمية.
رابعا: أحقية العراق في تعويضات الحرب وغراماتها وفقا للبند السادس من ميثاق الأمم المتحدة.

للعراق كل الحق في مطالبة إيران بتعويضات الحرب



شبكة البصرة
بقلم الدكتور عبد الواحد الجصاني


أولا : المقدمة

بتاريخ 27/5/ 2006 سلم وزير الخارجية الإيراني الى وزير خارجية حكومة العراق المنشأة تحت الإحتلال ملفا يحتوي على لائحة إتهام ضد الرئيس صدام حسين وقيادة العراق الشرعية لتقدم الى المحكمة الجنائية العراقية العليا بهدف تجريم العراق بتهمة شن الحرب على إيران. وتسعى إيران من خلال هذه الخطوة تثبيت مسؤولية العراق عن الحرب العراقية الإيرانية تمهيدا للمطالبة بتعويضات بمئات المليارات من الدولارات أو بالإستيلاء على حقول نفطية في جنوب العراق ومنها حقل مجنون النفطي لسداد هذه التعويضات.

ان الوثيقة الأساسية التي تستند اليها إيران في دعواها بمسؤولية العراق عن الصراع هي رسالة الأمين العام للأمم المتحدة خافير بيريز ديكويلار الى رئيس مجلس الأمن المؤرخة 9/12/1991 التي جاء فيها (إن الهجوم على إيران يوم 22/9/1980 لا يمكن تبريره في أطار ميثاق الأمم المتحدة أو أية قواعد أو مباديء معترف بها في القانون الدولي أو أية مباديء أخلاقية دولية، وهو ينطوي على المسؤولية عن الصراع) (وثيقة الأمم المتحدة S/23273).



ولو عدنا الى الوقائع لتبين أن رسالة ديكويلار هذه كانت الثمن الذي قبضته إيران في صفقة عقدتها مع الولايات المتحدة بوساطة الأمم المتحدة . صفقة تنتهك ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وأية مباديء أخلاقية دولية وتجلب العار لكل من شارك فيها. جوهر الصفقة هو الإفراج عن الرهائن المدنيين الأمريكان الذين إختطفتهم تنظيمات تابعة لحزب الله في لبنان خلال الفترة 1985- 1988 مقابل توجيه الأمين العام للأمم المتحدة رسالة الى مجلس الأمن يحمل فيها العراق مسؤولية شن الحرب على إيران تحت غطاء تنفيذ الفقرة السادسة من قرار مجلس الأمن 598 (1987) التي تقول(يطلب الى الأمين العام أن يستطلع ‘ بالتشاور مع إيران والعراق، مسألة تكليف هيئة محايدة بالتحقيق في المسؤولية عن الصراع وأن يقدم تقريرا الى مجلس الأمن في أقرب وقت ممكن).



تفاصيل هذه الصفقة مثبتة بالوقائع والأسماء في مذكرات وكيل الأمين العام للأمم المتحدة جيادومينيكو بيكو Giadomenico Picco)) في كتابه الموسوم رجل بلا سلاح (Man without a gun) الصادر عن دار النشر Times Books عام 1999.



يستعرض وكيل الأمين العام للأمم المتحدة السيد جيادومينكو بيكو في مذكراته بإسهاب تفاصيل المحادثات السرية الطويلة والمضنية التي أجراها خلال الفترة 1988- 1991 مع الجانب الإيراني بدءا بالرئيس رفسنجاني ووزير الخارجية ولاياتي ومندوب إيران لدى المقر الأوربي للأمم المتحدة سايروس ناصري ومندوب إيران لدى الأمم المتحدة كمال خرازي ونائبه السفير جواد ظريف إضافة الى سفيري إيران في دمشق (أخطري) وفي بيروت (زمانيان) اللذان هيئا له لقاءاته بالخاطفين. كما يستعرض السيد بيكو في مذكراته كيف تغيرت مطالب إيران مقابل إطلاق الرهائن الأمريكان في لبنان حسب تغير الظروف. فكانت خلال الحرب العراقية الإيرانية تركز على الحصول على الأسلحة وقطع غيارها من أمريكا وإسرائيل والتي عرفت فيما بعد بفضيحة إيران غيت. وبعد وقف إطلاق النار في 8/8/1988 أصبح طلب إيران العاجل من أمريكا هو دعوة العراق الموافقة على إتفاقية الجزائر لعام 1975التي ألغاها العراق عام 1980بسبب تدخل إيران في شؤون العراق الداخلية وإطلاق سراح عناصر (الدعوة الإسلامية) الذين قاموا بتفجيرات في الكويت عام 1983وإطلاق الأرصدة الإيرانية المجمدة في أمريكا. وبعد دخول القوات العراقية الكويت وإنفتاح المواجهة الأمريكية – العراقية على كل الجبهات وجدت إيران الفرصة سانحة لرفع سقف مطالبها فطالبت بإستخدام الفقرة السادسة من القرار 598 (1987) لإدانة العراق وإعتباره مسؤولا عن شن الحرب على إيران. ووافق الأمريكان وتمت الصفقة وأطلق سراح الرهائن الأمريكان جميعا. وبعد إطلاق سراحهم وجه الأمين العام للأمم المتحدة في 9/12/1991 رسالة الى مجلس الأمن يبلغه فيها أن لعراق يتحمل مسؤولية الحرب العراقية الإيرانية. وجدير بالذكر أن هذه الصفقة السرية جرت تحت غطاء سعي الأمم المتحدة لتحقيق تبادل للأسرى بين لبنان وإسرائيل. وكان الخاطفون يطالبون بإطلاق سراح السجناء اللبنانيين في إسرائيل (600 أسير) وبالذات الشيخ عبد الكريم عبيد. إلاّ أن الصفقة إنتهت بإطلاق واحد وتسعين منهم فقط ولم يكن الشيخ عبيد من بينهم. كما أن السيد بيكو وعد إيران أن تكون الصفقة مدخلا لتحسين العلاقة بينها وبين أمريكا لكن الأمريكان رفضوا ذلك بعد إطلاق آخر رهينة أمريكي.



ثانيا :إستعراض موجز لما جاء في مذكرات بيكو

1 - يقول بيكو إن الشيخ محمد حسين فضل الله بعد عودته من النجف الى لبنان أنشأ حركة الدعوة الإسلامية في لبنان والتي ولد من رحمها حزب الله عام 1982. وذكر أن أعضاء لبنانيون من هذه الحركة قاموا في الثاني عشر من كانون الأول 1983 بسلسلة تفجيرات في الكويت (بهدف معاقبة الكويت على دعمها للعراق في حربه ضد إيران) والقي القبض عليهم وكان عددهم 17 شخصا وحكموا بالإعدام ثم خفف الى السجن المؤبد. ومن هنا برزت فكرة إختطاف مواطنين غربيين، وبالذات أمريكان، في لبنان لكي تضغط حكوماتهم على الكويت لإطلاق السبعة عشر المسجونين لديها (ص 121). وبعد بدء عمليات إختطاف الغربيين في لبنان وعرض مبادلتهم بالسبعة عشر سجينا في الكويت لم تستجب الولايات المتحدة ولا الكويت لهذا الطلب. ويضيف أنه شخصيا تجاهل هذا الطلب لإنه لا يستحق النظر فيه (ص 125)



2 - ويقول بيكو إنه خلال عمله ضمن فريق الأمم المتحدة لإنهاء الحرب العراقية الإيرانية بدأ بإثارة موضوع الرهائن الغربيين في لبنان مع المسؤولين الإيرانيين لعلمه أن الرابط الآيديولوجي بين الثورة الإيرانية والمجموعات اللبنانية التي أعلنت مسؤوليتها عن خطف الرهائن لم يعد سرا، لكن المسؤولين الإيرانيين إستمروا لسنوات إبلاغه أن حكومتهم لا علاقة لها بهذه المجموعات. وفي عام 1989 عندما بدأوا بالتفاوض معه حول الرهائن إعتذروا له عن موقفهم السابق وقالوا إن سببه أن الظروف لم تكن ناضجة لبحث الموضوع. وأضاف (في نهاية عام 1988 خولني الأمين العام، بعد أن أخذ موافقة الأمريكان، أن أتصل بالإيرانيين طلبا لمساعدتهم في إطلاق سراح الرهائن الأمريكان في لبنان. وكان أول إتصال لي يوم 14/3/1989 مع سايروس ناصري سفير إيران لدى المكتب الأوربي للأمم المتحدة في جنيف وطلبت منه أن التقي بالرهائن لإطمئن على صحتهم وأن التقي بالخاطفين لإتعرف على مطالبهم وأكون وسيطا لهم). (ص 99 و 100)



3- وفي 23/4/1989 إلتقى الأمين العام للأمم المتحدة (ديكويلار) في نيويورك بوزير الخارجية الإيراني ولاياتي وعرض مقترح الوساطة الذي قدمه بيكو لسايروس ناصري ووعد ولاياتي بدراسة الطلب وأضاف إن بعض اللبنانيين أخبروه بإن الرهينة الأمريكي هيغينس (ضابط أمريكي يعمل في قوات الأمم المتحدة في لبنان- يونيفيل) قتل في تموز 1988 ردا على إسقاط الأمريكان طائرة مدنية إيرانية فوق مضيق هرمز. (ص 106)



4 - وفي 30/5/1989 وخلال زيارة السيد بيكو الى طهران لمتابعة مواضيع تتعلق بأفغانستان أخبره وزير الخارجية الإيراني ولاياتي أن الخاطفين يريدون لقاءه في دمشق لكنه لم يحدد موعدا للقاء (ص 107)



5 - وفي 17/8/1989 أبلغ ولاياتي وزير خارجية الباكستان إنه مستعد للمساعدة في إطلاق سراح الرهائن الغربيين في لبنان مقابل قيام الولايات المتحدة ببعض الخطوات تثبت من خلالها أنها لم تعد معادية لإيران.

وبعد ذلك بعدة أيام أرسل الرئيس بوش (الأب) مستشاره للأمن القومي السيد سكوكروفت الى نيويورك وأبلغ ديكويلار أن بوش مستعد لخطوات متبادلة مع إيران للتخفيف من حدة التوتر بين البلدين وبما يسمح بإطلاق الرهائن (ص 110)



6- وإستنادا الى هذا اللقاء ذهب بيكو الى طهران وإلتقى بالرئيس رفسنجاني يوم 25/8/1989 ونقل له رسالة بوش (الأب) في الرغبة بتحسين العلاقات بين البلدين وإن بوش يريد إطلاق الرهائن الأمريكان في لبنان وسيتخذ بالمقابل إجراء بشأن الأموال الإيرانية المجمدة في الولايات المتحدة ومبادرات أخرى إستنادا الى



المبدأ الذي أعلنه يوم تنصيبه وهو أن النوايا الحسنة تستجلب نوايا حسنة. أجاب رفسنجاني أن علاقات بلاده إنقطعت مع الخاطفين منذ فترة وهم ليسوا من جماعة حزب الله التقليديين، وأن بلاده أجرت الإتصال بهم سابقا بناء على طلب ماكفرلن (مستشار الأمن القومي الأمريكي الذي زار طهران سرا عام 1985 لترتيب

الصفقة التي عرفت لاحقا بفضيحة إيران غيت) ولكن بعد أن لم يف الأمريكان بوعودهم إنزعجت هذه الجماعات ومن الصعب أن نعيد الإتصال بهم. وأضاف رفسنجاني إن الخاطفين يريدون أولا إطلاق سراح الشيخ عبيد (خطفته إسرائيل من جنوب لبنان يوم 28/7/1989) كما ان أمريكا جمدت أرصدتنا بلا أساس قانوني ومع ذلك تريدنا أن نتدخل في قضية لا مصلحة لنا في التدخل بها ونحن مثل الرئيس بوش لدينا مشاغل داخلية وعلى الأمريكان أن لا ينتظروا منا شيئا مقابل إطلاق أرصدتنا، ولكي نساعد أمريكا فعليها تقديم مبادرات حسن نية ومن ذلك أن عليهم إيقاف عدائهم غير المبرر لنا. (ص ص 112-113-114)



7 - وفي قمة بلغراد لحركة عدم الإنحياز في أيلول 1989 التقى ديكويلار مع وزير خارجية إيران ولاياتي الذي طلب أن ترفع الولايات المتحدة , كخطوة اولى، التجميد عن 10% من الأرصدة الإيرانية. ثم بعد عدة أسابيع طلب ولاياتي من ديكويلار أن تدفع أمريكا تعويضات لركاب الطائرة المدنية الإيرانية التي أسقطت فوق الخليج عام 1988 (ص 118)



8 - خلال مشاركة الرئيس بوش (الأب) في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول 1989 أبلغ ديكويلار إنه علم بعرض ولاياتي إطلاق 10% من أرصدة إيران المجمدة ولم يعلق عليه. وبعد ذلك بعدة أيام أي في 19/9/1989 أيلغ جيمس بيكر ديكويلار أن بلاده لن تجيب على رسالة رفسنجاني حتى لا تبدو الولايات المتحدة متعطشة للتعامل مع إيران. (ص 115)



9 - وفي بداية عام 1990 عين كمال خرازاي مندوبا دائما لإيران لدى الأمم المتحد وأبلغ بيكو أن شروط إيران للتوسط في موضوع إطلاق الرهائن في لبنان هي رفع التجميد عن الأرصدة الإيرانية ودعم أمريكا لإتفاقية الجزائر لعام 1975 وحث العراق على الإنسحاب من بعض الأراضي الإيرانية التي لا يزال يحتلها (ص 118)



10- ويقول بيكو: ((أغنانا النظام العراقي عن مناقشة طلبات إيران ففي الثاني من آب 1990 دخلت القوات العراقية الكويت وحررت جميع السجناء بضمنهم السبعة عشر الذين قاموا بتفجيرات الكويت. ثم فاجأنا صدام من جديد بقبوله في 15 آب 1990 بإتفاقية الجزائر)) (ص 125)



11 – ويذكر بيكو ان عدد الرهائن في نهاية آب 1990 كان ستة أمريكان وبريطانيان وألمانيان ويستعرض بيكو أسماء الرهائن الأمريكان وهم مدنيون : موفد الكنيسة الأنجليكانية (تيري ويت) الذي توسط لإطلاق الرهائن ومراسلو صحف واساتذة جامعة.. أما الألمانيان فقد كانا رهينتين لدى أسرة حمادي لمبادلتهم مع إثنين من هذه الأسرة محتجزين في المانيا : الأول عن إختطاف طائرة TWA عام 1985 والثاني عن تهريب متفجرات الى ألمانيا (ص 148)



12 - وفي أواسط شباط 1991 قام السفير كمال خرازي يإبلاغ بيكو إنه يسعى لترتيب لقاء له مع الشيخ فضل الله. وفي 13 /4/1991 سافر بيكو الى طهران لترتيب موضوع اللقاء حيث التقى بوكيل الخارجية الإيراني ومنها الى دمشق ومن دمشق الى بيروت. ويضيف (في بيروت التقيت بالشيخ فضل الله، والذي يسمونه خميني لبنان وهو الأب الروحي لحزب الله. وعبر الشيخ فضل الله عن أمله في أن تتحسن العلاقة بين أمريكا وإيران وقال إنه ليس صاحب قرار في موضوع الأسرى لكنه مستعد للمساعدة وأكد أن خطف الرهائن يتعارض مع عقيدته الإسلامية واثنى على دور الأمم المتحدة وقال إن دورها يحفظ ماء الوجه للجميع ولا يعطي الإنطباع بإن هناك صفقة ما)(ص ص 139-142). وجدير بالذكر إن رأي السيد فضل الله هذا هو نفس رأي سكوكروفت الذي كان يلح على أن تظهر الأمم المتحدة أنها تسعى لتبادل الأسرى بين لبنان وإسرائيل حتى لا تبدو أن هناك صفقة تجري على حساب الرهائن ولكي لا تتعامل أمريكا مباشرة مع إرهابيين (ص 149)



13– يقول بيكو إنه كان يضغط على الإيرانيين وعلى الخاطفين للإسراع في إنجاز الصفقة قبل نهاية عام 1991 موعد ترك ديكويلار منصبه كأمين عام للأمم المتحدة.



14 - التقى بيكو مع السفير جواد ظريف في 27 تموز 1991 الذي أبلغه إن حكومته تتحرك بسرعة لمساعدة الأمين العام في غلق ملف الرهائن قبل نهاية مدة الأمين العام وإن الرئيس رفسنجاني يرغب في أن يزور ديكويلار طهران قريبا لوضع اللمسات الأخيرة على الإتفاق. وقال بيكو (كان جوهر إتفاقي مع ظريف هو أن تعمل إيران مع المجموعات اللبنانية لتحرير الرهائن الغربيين مقابل أن تقدم الأمم المتحدة الفقرة 6 من القرار 598، أما إذا إستطعنا أن نحصل على أكثر من ذلك أي تحرير السجناء اللبنانيين في سجون إسرائيل وتقديم معلومات عن الدبلوماسيين الإيرانيين الأربعة المفقودين في بيروت وعن الجنود والطيار الإسرائيلي (رون أراد) المفقودين في لبنان فسيكون ذلك كالقشطة التي توضع فوق الكعكة، لكن أصل اللعبة هي الفقرة السادسة. وكنا نعلم أن إيران تريد إدانة رسمية للعراق لشنه الحرب على إيران لكننا لم نكن نعلم كم كان ذلك مهما لإيران من الناحية السياسية). وأضاف بيكو : (قلت لظريف إننا نستطيع التعامل مع مقترحك حول الفقرة السادسة فأجاب ستكون زيارة ديكويلار ناجحة لو نفذت الفقرة السادسة).(ص ص 150 - 151)



15 - وفي 1/8/1991 إلتقى ديكويلار بمندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة السفير خرازي وأبلغه إنه ينوي البدء بإجراءات تنفيذ الفقرة السادسة ويريد أيضا إغلاق ملف الرهائن بأسرع وقت. (ص 151)



16 – وفي الأيام التي تلت لقاء ديكويلار مع خرازي عمل بيكو مع جواد ظريف على وضع تفاصيل مقترحات إطلاق سراح الرهائن وتنفيذ الفقرة السادسة (ص 151)



17 - وفي 7/8/1991 قام ديكويلار بإبلاغ سكوكروفت بهذه التطورات. (ص 152).



18 – في 10/8/1991 أطلق سراح الرهينة الأمريكي السيد تريسي (ص152)



19 - إلتقى بيكو في مقر السفارة الإيرانية في بيروت يوم 11/8/1991 مع السفير الإيراني زمانيان الذي أبلغه بإنه أجرى الترتيبات للقائه مع الخاطفين وطلب منه الخروج من السفارة والتمشي في الشارع ومن هناك ستأتي سيارة لأخذه الى مكان اللقاء. وجاءت السيارة وإلتقطته وعصبت عيناه وأخذ الى مقر الخاطفين (الصفحتان 152-153). خلال حديثه مع الخاطفين الملثمين خمّن أنهما عماد مغنيه ونسيبه مصطفى بدر الدين. ووقتها كان عماد مغنيه مسؤول الأمن الخاص في حزب الله وكان قبلها الحارس الشخصي للشيخ فضل الله ويعتقد انه شارك في خطف طائرة TWAعام 1985وطائرة الجابرية الكويتية عام 1988. أما نسيبه مصطفى فقد كان ضمن المجموعة التي قامت بتفجيرات الكويت عام 1983 وأفرج عنهم العراق بعد دخوله الكويت. ويذكر بيكو أن اللقاء ركز على موضوع إطلاق الأسرى اللبنانيين لم يتفق فيه على شيء محدد (ص 161). وتلت ذلك عدة لقاءات لبيكو مع الخاطفين يبدو أن هدفها إعطاء الإنطباع أن الأمم المتحدة تتصل بالخاطفين لإطلاق سراح الرهائن وتحويل الأنظار عن الصفقة الإيرانية الأمريكية.



20 – وفي يوم 20/8/1991 وصل بيكو الى طهران للتحضير لزيارة ديكويلار. وفي يوم وصوله التقى بوزير الخارجية ولاياتي الذي وكان شاغله الأساسي معرفة ما عملته الأمم المتحدة بشأن الدراسة التي تعدها حول المسؤولية عن الحرب العراقية الإيرانية أو ما إصطلح عليه بالفقرة السادسة. فاجابه بيكو أن ثلاثة أساتذة أوربيين أوكل لهم الأمين العام دراسة المسألة. وسأل بيكو ولاياتي هل ستكون زيارة ديكويلار لطهران ناجحة أجاب ولاياتي إنه مسرور لإن الفقرة السادسة تحت نظر الأمم المتحدة، وفهم بيكو مغزى إشارة ولاياتي (ص 171)



21- وفي لقاء ديكويلار برفسنجاني في طهران يوم 11/9/1991 بدأ رفسنجاني الحديث عن الفقرة السادسة وأهميتها وسأل عن موعد صدور التقرير بشأنها فأجاب ديكويلار إنه يأمل إصداره في نهاية تشرين الأول.



فأجاب رفسنجاني إن تقرير الفقرة السادسة مهم جدا لإيران، وإن إيران كانت تربط نهاية أزمة الرهائن بالإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة في الولايات المتحدة أما الآن فإنها إزالت هذا الربط وتركز على الفقرة السادسة. (ص 181)



22- بعد لقاء ديكويلار برفسنجاني إلتقى بيكو بالمفاوضين الإيرانيين من جديد الذين أمطروه بالأسئلة محاولين معرفة طبيعة وموعد صدور تقرير الفقرة السادسة ويضيف بيكو (كان التقرير وسيلة الضغط الوحيدة لدينا على الإيرانيين. وبغض النظر عن مواقف الحكومات، لم أقبل أن أقترح على الأمين العام أن يطلق التقرير قبل إطلاق آخر رهينة أمريكي) (ص 184). وفعلا أطلق جميع الرهائن الأمريكان ثم صدر التقرير (أي رسالة الأمين العام الى مجلس الأمن بموجب الفقرة السادسة من القرار 598)



23 – ويقول بيكو ((بعد إطلاق جميع الرهائن الأمريكان إستقبلنا الرئيس بوش أنا وديكويلار في البيت الأبيض وقلدنا أوسمة وكان خمسة من الرهائن الأمريكان المحررين حاضرين في الحفل. وكان هذا اليوم تاريخيا لسبب آخر وهو نشر رسالة الأمين العام الى مجلس الأمن حول الفقرة السادسة الخاصة بالمسؤولية عن الحرب بين العراق وإيران.ولقد تطلب الأمر منا شجاعة وإصرارا. صحيح ان هناك قليل من الشك حول مسؤولية العراق عن الحرب ولكن من الممكن أن يثار موضوع أن التقرير كان ثمرة صفقة سهلت فيها إيران عملية إطلاق الرهائن مقابل وثيقة تصف العراق بالمعتدي)).(ص 267)



24- ويصف بيكو نهاية مهمته بالقول إنه بعد أن أطلق جميع الرهائن الأمريكيين و91 سجينا لبنانيا إقترح على سكوكروفت إقتراحا متواضعا بقيام شركة أوربية بتزويد إيران بقطع غيار نفطية يستوجب الحصول عليها موافقة أمريكا لكن سكوكروفت رفض المقترح. ولذا توجه في أواخر ربيع عام 1992 الى طهران والتقى بالرئيس رفسنجاني وقال له إنه جاء ليبلغه بإنه نكث بوعده في أن تكون صفقة إطلاق الرهائن مقابل الفقرة السادسة مدخلا لتحسين العلاقة الأمريكية الإيرانية حيث لم يقبل الأمريكان بادرة حسن نية بسيطة لتحسين العلاقة مع طهران. وقال ان رفسنجاني غضب وطلب منه مغادرة إيران بسرعة إذ لو سمع المتشددون بذلك فلن يسمحوا له بالمغادرة. وغادر إيران على عجل وقرر أن إنهاء عمله في الأمم المتحدة (ص ص 4و5)



ثالثا : هل كانت رسالة ديكويلار قانونية وتستجيب لمتطلبات الفقرة السادسة من القرار 598

أجاز ميكافيلي إستخدام وسائل غير مشروعة للوصول الى هدف مشروع. اما هذه الصفقة فكانت إستخداما لوسائل غير مشروعة لتحقيق هدف غير مشروع. ولإن الصفقة أعدت على عجل بين أطراف لا تحترم القانون الدولي، فقد كان مضمون رسالة ديكويلار الى مجلس الأمن متناقضا مع الإجراءات المطلوبة بموجب الفقرة السادسة من القرار 598 ومخالفا لميثاق الأمم المتحدة. وأدناه الملاحظات عليها :



1- تقول الفقرة الثانية من الرسالة ((وفي أثناء المفاوضات التي جرت خلال السنوات الثلاث الماضية سنحت لي عدة فرص للتشاور مع الطرفين بشأن الفقرة السادسة. وفي حين أتاحت لي تلك المشاورات فهما معينا لوجهات النظر المتباينة التي يؤمن بها الجانبان، فإنها لم تصل الى مرحلة يتولد فيها الشعور بإمكانية تقديم تقرير ذي مغزى الى مجلس الأمن)). هذا الفقرة تفضح الطبيعة السياسية للرسالة. فخلال السنوات الثلاث التي إنتقضت منذ نهاية الحرب العراقية الإيرانية لم يتولد لديه شعور بإمكانية تنفيذ الفقرة السادسة، فما الذي إستجد الآن من حقائق أو وقائع بشأن موضوع الفقرة لكي يتولد لديه شعور بإمكانية تنفيذها ؟ لا شيء غير أن إيران جعلت من تنفيذ هذه الفقرة لصالحها ثمنا لإطلاق المختطفين المدنيين الأمريكان في لبنان.



2 – يقول ديكويلار في الفقرة الرابعة من رسالته (وبغية فهم الموضوع على أكمل وجه قررت أن أستشير على إنفراد بعض الخبراء المستقلين). وهذا مخالف لما طلبته الفقرة السادسة التي تقول (يطلب الى الأمين العام أن يستطلع ‘ بالتشاور مع إيران والعراق، مسألة تكليف هيئة محايدة بالتحقيق في المسؤولية عن الصراع وأن يقدم تقريرا الى مجلس الأمن في أقرب وقت ممكن). وبموجب هذه الفقرة كان على الأمين العام أن يستشير العراق وإيران أولا عن التوقيت المناسب لتنفيذ هذه الفقرة، ثم عليه أن يستشيرالدولتين حول أسماء الخبراء ومؤهلاتهم والتثبت من حياديتهم ويأخذ موافقتهما عليهم. كما كان عليه أن يبلغ مجلس الأمن بأسماء الخبراء الذين إتفق مع العراق وإيران على تكليفهم بالمهمة. ثم على الخبراء أن يعملوا كفريق لا أن يستشيرهم على إنفراد. ولكون موضوع المسؤولية عن الصراع مسألة حساسة تترتب عليها مواقف وإلتزامات تؤثر على السلم والأمن الإقليمي والدولي فكان المفروض بفريق الخبراء أن يعكف على دراسة حجج واسانيد الدولتين ويدققها ويزور عاصمتي الدولتين ويلتقي مسؤوليهما ويتحقق من الوقائع المذكورة في وثائق البلدين. فمثلا عندما يقول العراق أن لديه شاهد حي على شن إيران غارات واسعة على العراق قبل 22/9/1980 وهو الطيار الإيراني الأسير (لشكري). فالمطلوب أن يتحقق الخبراء من ذلك ويزوروا الطيار في سجنه في العراق ويستفسروا منه عن مهمته الحربية فوق العراق وتاريخ إسقاط طائرته. وبعد إستكمال كل وسائل التحقق من وثائق الطرفين، يقدموا تقريرهم الى الأمين العام الذي ينقل إستنتاجات الخبراء الى مجلس الأمن لا أن يستخدم هو آراء الخبراء المزعومين للوصول الى إستنتاجات لا أساس قانوني لها. علما بإن ديكويلار وجه رسالتين الى حكومتي العراق وإيران يطلب فيهما موقف الدولتين من موضوع الفقرة السادسة. إيران أجابت بتسليمه ملفا كاملا بينما إستفسر العراق منه عن سبب الطلب وتوقيته. ولم يكلف ديكويلار نفسه إجابة العراق بل إكتفى بنقل وجهة نظر إيران فقط للخبراء المزعومين. وجدير بالذكر أن محكمة العدل الدولية عندما تنظر في قضايا أهون بكثير من موضوع المسؤولية عن الحرب تأخذ سنينا من البحث والتقصي وسماع مرافعات الطرفين.



3 - يقول في الفقرة السابعة من رسالته (وحتى لو كان هناك قبل إندلاع الصراع بعض تعد من جانب إيران على إقليم العراق، فإن هذا التعدي لم يكن يبررالعدوان العراقي على إيران الذي تبعه إحتلال العراق المستمر لإراض إيرانية خلال الصراع إنتهاكا لحظر إستعمال القوة الذي يعتبر إحدى قواعد القانون الملزم). وهنا أيضا تبرز مجانبته للحقيقة وتعديه على صلاحيات مجلس الأمن. فهو من جانب يقر بإعتداء إيران على إقليم العراق لكنه يسمي رد العراق على هذا التعدي على أرضه عدوانا. كما أن إطلاق وصف (العدوان) ليس من إختصاصه كون مجلس الأمن هو الذي يقرر حصول عدوان من عدمه ومهمة الأمين العام هي (تنبيه مجلس الأمن الى أية مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدولي – المادة 99 من الميثاق). ولعل هذه السابقة الوحيدة في تاريخ الأمم المتحدة التي يعتدي فيها الأمين العام على صلاحيات مجلس الأمن بهذا الشكل الفاضح. أما إشارة الرسالة الى (إحتلال العراق المستمر للأراضي الإيرانية خلال الصراع) فهي غير صحيحة حيث إنسحبت القوات العراقية من الأراضي الإيرانية عام 1982 وكانت مستعدة لهذا الإنسحاب منذ 28/9/ 1980لو وافق الإيرانيون على القرار 479 (1980). وبالمقابل كانت القوات الإيرانية تواصل إحتلال أراض عراقية طيلة فترة الصراع. وفي سنين الصراع الأخيرة إحتلت مواقع ومدن عراقية هامة كالفاو والشلامجه وجزيرة أم الرصاص وحقل مجنون النفطي وأجزاء كبيرة من المنطقة الجبلية في شمال العراق.



4 – ولإن الصفقة عقدت بين طرفين يتربص أحدهما بالآخر فقد جاءت الفقرة التاسعة من رسالة ديكويلار لتأخذ من الإيرانيين ما أعطتهم إياه في الفقرات السابقة حيث جاء فيها: ((ومن رأيي أنه لا طائل من وراء تنفيذ الفقرة 6 من القرار 598. ولمصلحة السلم وتمشيا مع تنفيذ القرار 598 بصفته خطة سلام شاملة، يلزم الآن المضي في عملية التسوية. وما يستوجب العناية العاجلة الآن هو الحرص على إقامة علاثات سلمية بين الطرفين وعلى إقرار السلم والأمن في المنطقة بأسرها)). أي أن ديكويلار يطلب من مجلس الأمن أن لا يتخذ أي إجراء لتنفيذ الفقرة السادسة. وهنا يثار سؤال : إذا كان الأمين العام لا يرى طائلا من تنفيذ الفقرة السادسة فلماذاإستشار الخبراء وأصدر احكاما سياسية بشان مضمونها ؟



رابعا : المسؤولية عن بدء الحرب وعن إستمرارها

يقول العراق بأن الحرب بدأت في الرابع من أيلول/ سبتمبر 1980 بقصف جوي ومدفعي ايراني للأراضي العراقية صاحبه قيام وحدات من الجيش الإيراني بالإستيلاء على أراضي عراقية في المناطق الحدودية إضافة الى رفض إيران إعادة أراضي عراقية إستولت عليها رغم إقرارها بعائديتها للعراق (سيف سعد وزين القوس). ويدعم العراق أدلته بشاهد حي هو الطيار الإيراني الأسير (لشكري) الذي أسقطت طائرته فوق العراق خلال تلك الغارات. ولقد وثّق العراق في 260 مذكرة رسمية للأمم المتحدة وللجامعة العربية ولمنظمة المؤتمر الإسلامي مواقف وممارسات ايران العدوانية ضد العراق منذ قيام الجمهورية الإسلامية في عام 1979ومنها دعوتها الى إسقاط النظام العراقي بالقوة (كون الحرب تبدأ في عقول البشر) ومنها ما نقله السيد بيكو نفسه في الصفحة 70 من مذكراته عن لقاء ديكويلار بالرئيس صدام حسين يوم 8/4/1984 حيث ذكر الرئيس صدام حسين أنه أرسل ثلاثة وفود الى إيران مطالبا بوقف تدخلها في شؤون العراق الداخلية إلا أن الرئيس الإيراني بني صدر قال لإحد الوفود إذا أراد الجيش الإيراني الوصول الى بغداد فلن بمنعه أحد. (ص 70).

إضافة الى تصريحات مسؤولين إيرانيين كثيرين على رأسهم خميني تدعو الى إسقاط النظام السياسي في العراق وأقرنت هذه التصريحات بأعمال إرهابية من خلال إرسال مجاميع مسلحة من إيران الى العراق قامت بعمليات تهدف الى إغتيال أعضاء في القيادة العراقية وتفجير الأماكن العامة في المدن العراقية لإشاعة عدم الإستقرار.

.أما إيران فإتها تقول إن الحرب بدأت يوم 22/9/1980 بهجوم واسع غير مبرر شنته القوات المسلحةالعراقية على الأراضي الإيرانية، وإن الأعمال العسكرية الإيرانية التي سبقت هذا الهجوم الواسع لم تكن أكثر من مناوشات حدودية.



وإذا كانت المسؤولية عن بدء الحرب قضية خلافية بين العراق وإيران، فإن مسؤولية إيران عن إستمرار الحرب هي قضية محسومة قانونا ولا يمكن لأحد أن يجادل فيها. فبعد نشوب الحرب بعدة أيام أصدر مجلس الأمن القرار 479 في 28 أيلول 1980 دعا فيه إيران والعراق الى الوقف الفوري لإستخدام القوة وحل خلافاتهما بالوسائل السلمية طبقا لمباديء العدالة والقانون الدولي. ووافق العراق على القرار بعد أيام من صدوره ولم توافق عليه إيران كما لم توافق على القرارات اللاحقة الصادرة من مجلس الأمن وهي القرارات 514 في 12/7/1982 و 522 في 4/10/1982 و 552 في 1/6/ 1984 و582 في 24/2/1986 و588 في 8/10/1986 و598 في 20/7/1987. وهذه القرارات ملزمة للطرفين والعراق قبلها جميعا وإيران رفضتها جميعا لغاية 8/8/1988. لذا فإن إيران مسؤولة قانونا عن إستمرار الصراع طيلة هذه المدة.

وحتى لو أخذنا بالمنطق الإيراني القائل أن العراق شن الحرب على إيران في 22/9/1980 وأن إيران كانت في حالة دفاع عن النفس، فإن المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة تنص على حق الدول في الدفاع عن نفسها إذا إعتدت قوة مسلحة عليها لحين إتخاذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي . ومجلس الأمن إتخذ التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي بقراره 479 في 28/9/1980 وقبله العراق أي إنتهى المبرر القانوني لإستخدام حق الدفاع عن النفس. لذا فإن رفض إيران تنفيذ قرار مجلس الأمن 479 القاضي بوقف إطلاق النار يحولها الى دولة معتدية ويرتب للعراق عليها إلتزامات منها المطالبة بالتعويضات عن الأضرار التي سببها العدوان الإيراني عليها من 28/9/1980 ولغاية 8/8/1988.



أما لماذا أصرت إيران على المطلب غير القانوني وغير المنطقي بتحميل العراق مسؤولية الحرب ومطالبته بالتعويضات عن أضرارها قبل أن توقف إطلاق النار، فقد كشفت الوقائع أن إيران أرادت من وراء ذلك مواصلة الحرب يحدوها الأمل في إحتلال بغداد. ويروي السيد بيكو في مذكراته(ص62) أن الإيرانيين كانوا يرفضون قرارات مجلس الأمن بوقف إطلاق النار ويتشبثون بمقولة زرادشت (العدالة أهم من السلام) ويقولون إن الحرب تنتهي عندما يحدد المعتدي ويدان ويدفع التعويضات.



ومن جانب آخر فقد كان العراق مقتنعا بمسؤولية إيران عن نشوب الحرب وعن إستمرارها إلا إنه لم يجعل ذلك شرطا لوقفها، بل إقترح تشكيل هيئة قانونية دولية محايدة تقوم بعد وقف إطلاق النار بدراسة دفوعات الطرفين وتقرير المسؤولية في ضوء ذلك. وفعلا توصل مجلس الأمن الى صياغة مناسبة تضمنها قراره 598 المؤرخ 20/7/1987 (الفقرة السادسة) التي تطلب من الأمين العام (أن يستطلع، بالتشاور مع إيران والعراق، مسألة تكليف هيئة محايدة بالتحقيق في المسؤولية عن الصراع وأن يقدم تقريرا الى مجلس الأمن في أقرب وقت ممكن تنفيذا لذلك الطلب).



وعندما تبددت أوهام إيران في تحقيق نصر عسكري حاسم على العراق وأصبحت على شفا الإنهيار العسكري الكامل أرسلت مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة السفير محلاتي ليلتقي يوم 18/7/1988 بالأمين العام للأمم المتحدة ويبلغه رسالة عاجلة من السيد خامنئي رئيس جمهورية إيران بالموافقة على القرار 598 ويطلب منه إعلان الوقف الفوري لإطلاق النار (متناسيا حكمة زرادشت). وأجاب الأمين العام للأمم المتحدة أن عليه التشاور مع العراق لتحديد موعد وقف إطلاق النار. وبعد عدة أيام شعر حكام إيران أن تأخر وقف إطلاق النار لإيام إضافية أخرى قد يعصف بوجودهم، فأرسلوا مندوبهم الدائم السفير محلاتي لمقابلة الأمين العام للأمم المتحدة يستعجله في إعلان وقف إطلاق النار ويحذره بالقول)) إعتبارا من اليوم فإن دم كل مدني إيراني يسقط هو في ذمة الأمم المتحدة)). (الصفحة 83 من مذكرات بيكو). وهذا إقرار إيراني بإن الطرف الذي يرفض أو حتى يؤجل وقف إطلاق النار لبضعة أيام يتحمل مسؤولية الدماء التي تراق خلالها. فكيف بإيران وهي التي رفضت وقف إطلاق النار لمدة (2870) يوما ؟

وبعد قبول إيران وقف إطلاق النار بدأت قوات البلدين الإنسحاب من أراضي البلد الآخر وبدأت الأمم المتحدة بالإشراف على تنفبذ بنود القرار بهدف الوصول الى تسوية شاملة وعادلة ومشرفة مقبولة للطرفين.



وخلال الفترة من 8/8/1988 ولغاية 2/8/1990 لم تبذل إيران جهودا جدية لحث الأمين العام على تنفبذ الفقرة السادسة من القرار 598 (1987) الخاصة بالمسؤولية عن الصراع لإنها تعلم ان لدى العراق من الأدلة والقرائن ما يجعل من المستحيل على أية جهة محايدة أن تحمّله مسؤولية بدء الصراع ناهيكم عن مسؤولية إستمرارالصراع لثمان سنوات الذي تتحمل إيران مسؤوليته بموجب القانون الدولي. ومما يؤكد ذلك أنها لم تجعل تنفيذ الفقرة السادسة لصالحها شرطا لإطلاق الرهائن الأمريكان في لبنان إلا بعد أن وجدت رغبة أمريكية لا حدود لها للتنكيل بالعراق، فركبت الموجة خاصة وأن هيمنة أمريكا على الأمم المتحدة كانت مطلقة بعد إنهيار المعسكر الإشتراكي وظهور نظام القطب الدولي الواحد.



خامسا : الخلاصة

1 – أن رسالة الأمين العام بشأن مسؤولية العراق عن الصراع هي ثمرة صفقة لا قانونية ولا أخلاقية بين إيران والولايات المتحدة عبرالأمم المتحدة ولا قيمة قانونية لها. بل إنها تدين إيران التي ما كانت تلجأ لهذا الأسلوب غير الشرعي لو كانت مقتنعة بعدالة موقفها. كما إن هذه الصفقة تثير الشكوك بجميع مواقف وبيانات إيران حول الحرب بل وبمواقفها الدولية عموما. فالذي لا يتورع عن إستخدام وسائل غير مشروعة كخطف المدنيين لتحقيق إمتيازات سياسية على حساب دولة جارة لا علاقة لها بموضوع الخطف، غير جدير بإن يعامل كطرف دولي يحترم مسؤولياته بموجب القانون الدولي. ناهيكم عن تناقض هذا السلوك مع إدعاءاتها أنها دولة إسلامية تعتمد القران وسنة الرسول (ص) وأهل بيته الأطهار دستورا ومنهجا.



2–الوقائع القانونية تحمل إيران مسؤولية شن الحرب كونها الطرف الذي بدأ بالأعمال العدائية. وإيران مسؤولة بشكل لا يقبل الجدل عن إستمرار الحرب. لذا نقترح على القوى الوطنية العراقية بإن تعلن لشعب العراق وللعالم أجمع أنها ستبدأ حملة مطالبة إيران بالتعويضات عن عدوانها على العراق لثمان سنوات لتعرف إيران أن للعراق دينا بذمتها لايسقط بالتقادم، وأن إيران قد تستطيع أن تخدع بعض الناس كل الوقت أوتخدع كل الناس بعض الوقت ولكنها لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت. كما نقترح أن توجه المنظمات القانونية العربية رسائل الى الأمم المتحدة تطالب فيها فتح تحقيق حول رسالة ديكويلار كونها إنتهاكا فاضحا لمسؤولياته وصلاحياته بموجب ميثاق الأمم المتحدة، بل هي وصمة عار في جبين الأمم المتحدة، كما تطالب أن تتخذ الأمم المتحدة من الإجراءات ما يمنع إستخدامها ختما لصفقات لا قانونية ولا أخلاقية في المستقبل.



3 – ونأمل من حزب الله أن يراجع دوره في هذه الصفقة وكيف جرى إستخدام تنظيماته أداة لتنفبذ سياسة إيران العدوانية تجاه العراق وفق معادلة (حزب الله يخطف وطهران تفاوض وبغداد تدفع). هذه الوقائع تضاف الى ما صرح به وزير الداخلية الإيراني الأسبق السيد محتشمي لصحيفة (شرق) الإيرانية يوم 4/8/2006 من أن مقاتلي حزب الله شاركوا بجانب الجيش الإيراني في الحرب العراقية الإيرانية، وما ذكره مقاتلو جبهة تحرير الأحواز عن مشاركة مقاتلي حزب الله في قمع إنتفاضتهم، وما هو معلن من مواقف قيادة حزب الله من المقاومة العراقية للإحتلال الأمريكي. ونأمل من قيادة حزب الله أن تقوم بمراجعة نقدية لمواقفها تلك وتعتذر لشعب العراق وتحصن نفسها من التأثير الإيراني الضار وتحافظ على إستقلاليتها.



4 – نقترح قبام مراكز البحوث العربية بترجمة كتاب بيكو أو فصول منه ونشر الحقائق الواردة فيه. علما بإن إيران بذلت جهودا كبيرة لثني بيكو عن إصدار الكتاب وتدخل جواد ظريف في مراجعة المسودة وحذف منها



إشارات كثيرة. وبعد صدور الكتاب حاولت إيران رشوة بيكو من جديد بإن إقترحت على الأمين العام للأمم المتحدة(كوفي عنان)تعيينه ممثلا شخصيا للأمين العام للأمم المتحدة لسنة الأمم المتحدة للحوار بين الحضارات (وهو مشروع تبناه الرئيس خاتمي) وكان لها ما أرادت. كما نقترح أن تستضيف مراكز البحوث العربية السيد بيكو (وهو حاليا رئيس شركة إستشارات نفطية في نيويورك ورئيس منظمة الإستشارات غير الحكومية للسلام في جنيف) لمزيد من التوثيق لهذه الصفقة غير الشرعية. ولا شك أن لدى بيكو الكثير مما لم يقله في كتابه. وجدير بالذكر ان مذكرات بيكو تضمنت أمور عديدة أخرى تستحق التوثيق ومنها:

ألف - خلال لقاءه وديكويلار برفسنجاني (وقتها رئيس البرلمان الإيراني) في آذار 1985 بحضور وزيرالخارجية ولاياتي قال رفسنجاني ((منشآتنا لإنتاج الأسلحة الكيمياوية أكثر تطورا من منشآت العراق لكننا لا نريد إستخدام هذه الأسلحة)) (ص 67)



باء - تحدث عمّا أسماها حسابات القيادة العراقية الخاطئة بالوثوق بإيران وإرسال أسطول طائراتها أمانة لدى إيران خوفا عليها من التدمير على يد قوات التحالف، إلا أن الإيرانيين إستولوا على الطائرات وصبغوها بألوان خطوطهم الجوية، بل وأمعنوا في إيذاء العراق بأن قدموا لقوات التحالف كل ما يستطيعون من معلومات إستخباريه. (ص 126)



جيم - تحدث عن مراوغة وخداع المفاوض الإيراني بقوله ((عندما تبدأ التفاوض مع الإيرانيين يعطوك إنطباعا بإنهم عقلانيون ومرنون ومتجاوبون وعلى إستعداد لتغيير موقفهم لكن سرعان ما تكتشف أن هذه المرونة اللفظية هي قناع يخفي الحقيقة. فهم مترددون في قبول تغيير الموقف بل وأحيانا يرغبون في نقض ما إتفقواعليه)) (ص 71)



ختاما... عسى أن يقود كشف هذه الحقائق، وغيرها كثير، جمهورية إيران الإسلامية الى فتح صفحة جديدة مع جيرانها العرب أساسها حسن الجوار والمصالح المشتركة والتعاون وأخوة الدين وقيم الدين الإسلامي الحنيف ونبذ أوهام الهيمنة والتآمر التي لم ولن تجلب لشعوب إيران والمنطقة إلاّ المزيد من الكوارث. والله من وراء القصد.



بغداد 30/8/2006

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار