الجمعة، نوفمبر 07، 2008

كيف نرسم مستقبل العراق بعد قهر الاحتلال


الجزء الرابع (الاخير)
مناضل البغدادي
على الصعيد الدولي والعالمي
التزم العراق ومنذ تاسيس الدولة العراقية الحديثة في عام 1920 من القرن الماضي بكافة القرارات الصادرة من الهيئات الرسمية العالمية ، وكان هذا المنهج تعمل به كافة الحكومات العراقية العميلة منها والوطنية ولاسباب عديدة منها التاثير الحضاري والارث الكبير التي تحمله الحضارة العربية والاسلامية في وضع اساسيات الحياة التي سهلت على الانسان ترتيب حضوره الانساني مع مجتمعات الامم الاخرى والتقاليد المتبعة لنظامه الاجتماعي المتميز.
ان التطبيق الواقعي لهذه الالتزامات الانسانية املا في ان يكون العراق مؤسس لمنظمات عالمية واقليمية واسلامية كما هو الحال بالنسبة لمنظمة الامم المتحدة حاليا او عصبة الامم سابقا او الجامعة العربية او منظمة المؤتمر الاسلامي او دعوته الى انشاء اتحادات او تجمعات وحدوية قومية عربية لترصين وحدة الامة العربية والاسلامية امنيا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا وقد تجلى ذلك بوضوح في حقبة الاربعين عاما الماضية قبل الاحتلال الامريكي الصهيو فارسي الاخير للعراق عام 2003م .
لم يكن العراق وقياداته وبالاخص قيادته الوطنية قبل الاحتلال بعيدين عن مجريات الاحداث العالمية ،ولذا فان المنهج في العلاقات الدولية كان قد بنى على اساس قبول القرارت الدولية وتطبيقها بما يخدم المبادى الانسانية والسلم العالمي،وبضوء ذلك فان العراق بشخص رئيسه الشهيد صدام حسين كان قد توقع بروز دور الصين كقوة عظمى وافول نجم الفكر الشيوعي العالمي في تطبيقاته الاجتماعية وكذلك سقوط النظام الامبريالي الراسمالي العالمي،ولكن المتغير الأساسي الذي عصف بالعالم والذي تمثل بالأنهيار الدراماتيكي للأتحاد السوفيتي والأنحسار السريع للمد الشيوعي في مقابل التهام وقضم سريع لما تشظى عن كتلته من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ،كان الأمر الذي ساهم على نحو كبير في تبلور صيغة القطبية الواحدة والتي أندفعت كالثور الهائج في محاولات بسط سيطرتها على العالم عبر سياسات متخبطة وغير منضبطة وهو الأمر الذي عجز فيه العراق عن أستيعابه وأحتواءه نظرا للتطرف العدواني في منطق الموقف والسياسة الأمريكية من ناحية،ولأن مراهنة العراق على فرضية وجود توازن دوري تحققه دول ذات انبعاث جديد كالهند والصين والكتلة الاسيوية الجنوبية ودول امريكا اللاتينية لم يكن دقيقا نظرا لأنكفاء هذه الدول والكتل داخل دائرة الترقب والأنتظار لما ستتمخض عنه هذه المتغيرات في السياسة الدولية.
كان الواقع الجديد لمرحلة مابعد أنهيار الكتلة السوفيتية يؤشر الى تغير في الاداء العالمي خصوصا وأن القوى الوسطية الاقليمية لن تكون فاعلة او مستندة الى تطبيق المبادى وتحقيق مصالحها المشروعة مالم تكن بجانب المد العالمي الذي تقوده امريكا ،وهو الجانب السلبي الذي طبع المرحلة وسهل لأمريكا قهرها للشعوب مصداقا للمقولة الجبارة والحقيقية في استقراء توجه امريكا العدواني لكثير من شعوب العالم وهو ان (امريكا عدوة الشعوب) .
صحيح ان الاذعان كان لكثير من الحكومات هو المخرج او المنفذ في استبعاد العداء الامريكي لها الا ان الموقف جاء مخالفا ومرفوضا لرجال المبادى في العراق حيث كان التحدي للهيمنة الامريكية كما هو التحدي لطموحات جارة لئيمة كأيران في تحقيق مصالحها مدخل مهم لغزو العراق . المهم في هذا المجال هو أن ادراك القيادة السياسية الوطنية في العراق لمنطق الباطنية التي استخدمته ايران بتحالفها مع ما تسميه الشيطان الاكبر (امريكا) لم يسعفه الوقت في تأسيس مع مايتناسب معه من مواقف وسياسات .
أن منطق السياسة التي ادارتها الادارة الامريكية بثوبها التعصبي الديني المتطرف منذ ولاية بوش الاب سيئ الصيت وحتى ولاية بوش الابن المجرم القذر والتي نجم عنها تشكيل ما أطلق عليه تحالف (الصهاينة الجدد) الذي أسس لصنع جبهة معاداة واسعة لطموحات الأمة العربية والاسلامية عبر مشروعه الأفتراضي في اطلاق حربه المغشوشة ضد الارهاب وهي بطبيعتها حرب صليبية وفقا لمنطلقاتها وآلياتها وأهدافها ، وهي من نطق بوصفها بوش الأبن في أحدى خطاباته مذعنا لحقيقة استحواذها على عقله ومشاعره من غير أن يلتفت الى ماتقتضيه الحكمة من كتمانها .
ولكن يبقى السوال الان هو ، هل يمكن لنا ان ننتقد توجه دولة وطنية بسبب عدم تقديرها لمتغيرات دولية كثيرة حدثت قبل احتلال العراق ؟الجواب يكمن في ان المتغيرات الدولية كانت اكبر من انحناءة يمكن ان تقوم بها القيادة العراقية لريح المتغيرات الدولية الجديدة , بل ان ماهو مرسوم من دور اقليمي وعربي ودولي كان اكبر بكثير من استحضارات التعبئة الوطنية والقومية لدرء حالة العدوان والغزو والشروع في تنفيذ خطة تحطيم العراق .
نعم ..... ان النخيل والاشجار لتنحني للريح العاتية ،وهو مبدأ لا يثلم كرامتها وعزتها وشموخها،الا ان القيادة العراقية الوطنية وبعد تجربة السماح للمفتشين الدوليين الذين شرعوا في أنتهاك حرمات الأرض والسيادة من غير أن يقدموا أية ضمانات بصدد أعلان حقيقة خلوا العراق من أسلحة الدمار الشامل وهي الحجة التي كانت تتذرع بها الأدارة الأمريكية لشن عدوانها ، بعد هذه التجربة وغيرها أدركت القيادة العراقية بأن المطلوب من قبل الأدارة الأمريكية ومن تحالف أو توافق معها هو رأس العراق،كل العراق، ومن بعده رؤوس أخرى ، لذلك آثرت القيادة الصمود والمواجهة وقوفا ، لأنها أيقنت بأن حتى الأنحناء لهذه العاصفة لن ينجح في تفاديها ،لأنها عاصفة لن تأتي لتمر وتولي دبرها ،ولكنها تأتي لتبقى وتمكث طويلا بطول نواياها وأهدافها العدوانية والتدميرية .
نحن نعلم أن هناك ثمنا باهظا قد دفع في هذه المنازلة غير العادلة وغير المتكافئة التي أرغم عليها العراق من دون خيارات.ونحن نعلم أيضا أن هناك من يقول بأن العراق دفع ثمن أخطاءه ،ولكننا مؤمنين ومعنا أخيار العالم كله بأن العراق دفع ثمن تمسكه بالمبادىء والقيم الوطنية والقومية والأسلامية التي عبر عنها بصدق مطلق من خلال مواقفه وسياساته التي أنتهجها منذ نهاية الستينات في ظل عالم محكوم بالتوازن الدولي ،وهو بذلك لم يكن ليسمح له بالدخول في مناورات سياسية أو مواقف تكتيكية في بداية تسعينات القرن الماضي،خصوصا و أنهم أدركوا يقينا عمق أرتباطه بمبادئه وشعبه وأمته.
نحن نعلم أن العراق بنى جل سياساته في ظل أعتقاده بوجود ثوابت دولية عامة تتيح للدول أدارة شؤونها الداخلية ورسم علاقاتها الدولية بهامش واسع من الحرية والأستقلالية ،وهذا الأعتقاد كان صحيحا لفترة طويلة شملت عقدي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، الأمر الذي ضاعف لدى القيادة الوطنية في العراق قوة تمسكها بثوابتها واهدافها ،على الرغم من أيماننا بالضرورات التي تقتضيها أحيانا ظروف ومتغيرات دولية معينة تفرض التعاطي معها وفق قوانين تكتيكية خاصة لاتخل بأسس وقواعد منظومة القيم الفكرية والأخلاقية للبلد.ولكن هذه الفرص لم تكن لتمنح للعراق في ظل هيمنة القطب الأمريكي الأوحد الذي أستوطن في داخله عداءه الفكري والنفسي والستراتيجي لفكر وتاريخ وحضارة العراق .وفي كل الأحوال فأن الدروس المستنبطة من تجربة البعث في العراق لن يغادرها أعضاءه ومفكريه ،وربما الدرس الأعظم سيكون في عدم الركون الى مايمكن أعتقاده بوجود ثوابت دولية تراهن عليها سياسات الدول ،وأنما ينبغي التسليم على الدوام بظهور متغيرات تستوعبها دائرة التوقعات التي تقوم عليها الدولة المؤسسية .
أن ما حصل00000 في نظراي مفكر عروبي وطني مسلم او غير مسلم هو بمثابة تاخير زمني لانبعاث الامة من جديد , وفكر حزب البعث العربي الاشتراكي ملهم ومسير لخروج الامة من ازماتها وارتقائها الى المجد في مستقبل قريب تؤشره المتغيرات الدولية الحالية كأزمة المال والراسمالية العالمية وازمة قوى الارتداد والتبعية في مواجهة الغليان الوطني في دول امة العرب وانظمتها والدول الاقليمية وحتى العظمى لرفضها مبدأ القوة العظمى المتفردة في العالم كما يحصل لروسيا حاليا والصين والهند وغيرها من دول امريكا الاتينية . وهي علامات على انتهاء القطبية العالمية واندحار الراسمالية كنظام والنظرية الراسمالية كفكر ومن ثم الصهيونية العالمية وتاثيراتها على مسار العالم الانساني والحضاري.
أن حزب البعث العربي الاشتراكي لن يغادر مهامه النضالية ومسؤولياته التاريخية أتجاه أمته وأهدافها في التحرر والنهوض والوحدة بعون الله ،من خلال أستنهاضه وتحفيزه لروح المقاومة في كل نفس عروبية مسلمة وغير مسلمة على ارض العرب لطرد المحتل الكافر الصليبي والصهيوني والفارسي ومواصلة تجربته الانسانية والحضارية التي ابتدئها في ثورته البيضاء عام 1968م في تموز العطاء والخير والتي أشاعت كل الخير لابناء الامة العربية بانجازاتها العظيمة، وتعزيز موقع الامة بين امم العالم الانسانية كملهم دنيوي اخلاقي واسلامي وتراثي اصيل وان وعد الله حق في نصره للمؤمنين والمجاهدين الصادقين ومن الله التوفيق .
تحية الأوفياء من الرجال المؤمنين إلى قيادة الجهاد والمجاهدين في الثورة العراقية المسلحة وعلى رأسهم المناضل عزة إبراهيم الدورى0
تحيه إلى شرفاء الوطن والأمة من الداعمين لمبادئ الجهاد ضد المحتل وطرده0
المجد والخلود لشهداء البعث والأمة والإسلام
تحيى مبادئ وأفكار وأهداف حزب البعث العربي الاشتراكي والقائمين عليها خدمة لنهوض الأمة العربية والإسلامية .

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار