الجمعة، نوفمبر 07، 2008

الى الجحيم بوش الاب



شبكة البصرة
د. محمود خالد المسافر
في البداية اريد ان اؤكد انه ليس لي ان افرح او احزن بانتخاب هذا او ذاك في الانتخابات الامريكية فتلك مسألة داخلية بحته، ولو كانت الولايات المتحدة دولة صغيرة ليس لها تأثير واضح على العلاقات الدولية لكنا نمر سريعا من دون الكثير من ملاحظات على انتخاباتهم الداخلية لأختيار رئيس جديد او مجلس نواب او غير ذلك، لكن الولايات المتحدة غير ذلك فهي دولة محورية في العالم تجر اليوم وراءها الرأسمالية في عالم فقد فيه المنافس والمناقض، فلا يوجد غير الرأسمالية الا ما ندر، وان وجد فهو اما ضعيف مريض او متهاون ومناور لا يجرؤ على المعارضة، وكان ذلك حقيقة واقعة منذ تاريخ انهيار نظام ثنائي القطبية في بداية العقد الاخير من القرن العشرين ولغاية بداية القرن الواحد والعشرين عندما فاز اليمين المتشدد بالانتخابات الامريكبة في نوفمبر تشرين الثاني 2000، عندها شعر اليمين المتشدد ومن وراءهم الصهيونية العالمية ان أوانهم قد آن لقيادة العالم الى تنفيذ رغبات الصهيونية العالمية والشركات العالمية الداعمة لها وهي كبريات شركات النفط والسلاح والحديد وغيرها، فحصلوا من اجل الوصول الى حلم كل اولائك على اموال طائلة من اجل الشروع بتطبيق الخطوات الاولى لتحقيق احلام الصهيونية، مقابل الكثير من المكاسب التي ينبغي ان تحصل عليها تلك الشركات التي تبرعت ودعمت اليمين المتشدد ليصل الى سدة الحكم والذي كان حلما يراود رواده منذ اكثر من خمسين عاما. وقبل التطرق الى نتائج الانتخابات الامريكية وصولا الى هزيمة اليمين المتشدد في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني من هذا العام الفين وثمانية، ينبغي ان نمر على قصة وصول اليمين الى السلطة ومشروع السيطرة على منابع النفط، ليتسنى لنا فهم ما يجري اليوم من احداث دراماتيكية غيرت الواقع الامريكي والتي قد تغير اذا ما تُركت الواقع العالمي ايضا.

لقد حمل جورج بوش الاب في منتصف الثمانينات جعبته وذهب يعرض على كبار اللاعبين الاقتصاديين الامريكيين خطته بالسيطرة على منطقة الخليج حال سقوط وانحلال الاتحاد السوفيتي الذي كان الجميع يتوقعه بل ويدرك توقيتاته ايضا، لا سيما بعد وصول ما يسمى بالتيار الاصلاحي برئاسة ميخائيل غورباتشوف الى سدة الحكم في الاتحاد السوفيتي وتخليهم عن الكثير من مبادئ المؤسسين لهذه الدولة العظيمة، ذهب اليهم يعدهم بما لا يمكن الحصول عليه من غير السيطرة على منابع النفط منجم الخير المستديم للأقتصاد الامريكي ومن وراءه الاخطبوط الرأسمالي الذي يعيش على موارد ودخول العالم المتخلف الغني وبل وحتى الفقير كذلك. لم يكن الكيان الصهيوني بعيد عن كل ذلك بل كان الداينمو الذي يحرك كل تلك الادوات، ومن معرفة تاريخ اسرة آل بوش الصهيوني يصبح يسيرا معرفة لماذا كان بوش الاب حصان طروادة للدخول الى منطقة الخليج العربي. طبعا كان الرجل في منتصف الستينات من عمره ولو قدر له ان عاش فعليه ان ينهي المهمة في دورتين اثنتين، يرسم خلالهما المستقبل الامريكي ربما للخمسين سنة القادمة. اتفق الجميع، سياسيو التوجه الصهيوني في السياسة الامريكية واصحاب رؤوس الاموال المرتبطون ارتباطا عضويا بالنفط على المضي بخطة بوش المقترحة للسيطرة على منابع النفط والتي لم يأت بها من مخيلة عقله وانما من رفوف المخابرات الامريكية التي شهدت مناقشات بهذه الخصوص على مر عقدين من الزمن كان بوش الاب قد شغل خلالهما مناصب تتدرج من سفير في الخارجية الامريكية الى رئيسا للسي آي أي ثم نائبا للرئيس.

هذا الملف الدسم الذي حمله بوش الاب هو الذي اوصله الى البيت الابيض في نهاية عام ثمانية وثمانين وتسعمائة والف وهي نفس السنة التي شهدت نهاية الحرب العراقية الايرانية. بعد وصول بوش الاب الى غرفته في البيت الابيض قرر الشروع بالخطة فقام بالاتصال بالحلفاء التقليديين في الخليج لتنفيذ الخطة وكانت الادوات واضحة لهم، ان العراق غارق بالديون بسبب الحرب وانه يحتاج موارد كبيرة ليغطي نفقات اعادة الاعمار و البناء واعادة وادامة بناء الجيش الكبير العائد منتصرا بحرب طويلة وقاسية، فبدأ الضغط باغراق الاسواق النفطية بالنفط وبدا الانتاج النفطي يتنامى خارج الحصص المقررة في اوبك في الوقت الذي قللت الشركات الكبيرة طلبها على النفط خصوصا ما يسمى بالطلب المستقبلي الذي يستخدمه اللاعبون الكبار للتأثير على اسعار النفط صعودا ونزولا كما حدث في الازمة الاقتصادية الاخيرة.فانخفضت اسعار النفط حتى وصلت الى مستويات قياسية وصلت الى ستة دولارات للبرميل الواحد وانخفض الناتج المحلي الاجمالي العراقي نتيجة انخفاض المورد الرئيس المكون للناتج، والذي لا يمكن زيادته من خلال زيادة الانتاج الذي كان محدودا نتيجة محدودية القدرة الفنية على انتاج النفط لأسباب تعود الى قدم الاجهزة والمعدات النفطية والى محدودية الاستكشافات الجديدة واخيرا الى عدم القابلية التمويلية لاعادة بناء الصناعة النفطية لتوسيع قابلياتها الانتاجية والتصديرية على السواء.

لم تكن ايران ووضعها الاقليمي غائبة عن بال ادارة بوش الاب وما يمكن ان تستفيد او تتضرر منه من خلال وجود امريكا في المنطقة. ببساطة ان الخطة الامريكية كانت تعتمد على العمل السريع المباغت مما يضمن عدم اعطاء الفرصة المناسبة لأيران لتنمية قابلياتها العسكرية الهجومية، كما اعتقد الامريكيون ان وجودهم في الخليج سيكون محدد موضوعي وعائق واقعي لأية محاولة ايرانية للأستفادة من الوضع الجديد. لكن ماذا حصل عند تطبيق الخطة؟ بعد الثاني من آب من عام تسعين صدرت قرارت مجلس الامن الدولي بخصوص فرض العقوبات على العراق ابتداءا من السادس من آب من نفس العام، بدأت حينها الادارة الامريكية بالعد العكسي لأحتلال العراق بعد الانتخابات الامريكية التي ستأتي ببوش الاب من جديد ليكمل الخطة التي بدأها باحتلال الكويت في الثاني من نيسان من عام تسعين، والتي ينبغي ان ينهيها باحتلال العراق ليضمن تدفق النفط الى الوجهة التي تقررها المصالح الامريكية وليمنع هذا المورد والى الابد من ان يكون عامل ردع للقوة النووية التي يمتلكها عدو العرب والمسلمين والذي يجاورهم عنوة وهو الكيان الصهيوني. تركت ادارة بوش الاب موضوع الحصار على العراق والعقوبات ليأخذ ماخذه من الاقتصاد العراقي والقدرة العراقية على مواجهة الهجوم الامريكي الاخير لأحتلال العراق، ولم يكن مقررا لذلك ان يستمر اكثر من سنتين اخريين، لكن حدثت التطورات الدراماتيكية التي غيرت خطة بوش الاب وكادت ان تلغيها، فقد فشل بوش في اقناع اصحاب رؤوس الاموال الذين اوصلوه الى البيت الابيض بانه سياتي لهم بحلم السيطرة على العالم من خلال العراق وذلك لأسباب مهمة تقع في مقدمتها، ان الحرب على العراق لم تكن سهلة اذ نقل اليهم عمالهم في الجيش الامريكي المقاتل في الكويت والعراق واجهزتهم الاستخبارية الخاصة ان العراقيين قاتلوهم بطريقة لا تدل على ان حلم احتلال العراق سيكون سهلا، بل انه قد لن يكون ممكنا اصلا الا من خلال تضحيات كبيرة سيقدمها الامريكان على ارض العراق، وايضا، ان الحملة الكبيرة التي قادها العراقيون لوحدهم لأعادة اعمار العراق خصوصا في القطاعات التي اعتقد الغرب انها مقصورة على شركاته لعقود من الزمن مثل الجسور المعلقة، اثارت تساؤلا كبيرا لحملة الاسهم المالية في السياسة الامريكية بشأن امكانية احتلال مثل هذا البلد، او على الاقل البقاء فيه بعد احتلاله، انهم لن يدفعوا لخطة لن تأتي بثمار، هذا ما قاله اصحاب الشركات الكبرى الى اليمينيين المتشددين وعلى رأسهم بوش الاب، وانسحب الذين مولوا حملة بوش الانتخابية الاولى وتركوه يسقط على الرغم من البالون الذي نفخته ادارة بوش وآلتها الاعلامية بشأن ما سمي "بحرب تحرير الكويت" والسيطرة على منابع النفط في الكويت، وعلى الرغم من ان ذلك لم يكلف الميزانية الامريكية قرشا، اذ دفعت الكويت والسعودية ودول الخليج الاخرى كل ما كلفته الحرب لتوزع على شكل دخول الى الجيش الامريكي وآلته الحربية من الصناعة الى الاستهلاك، فقد رفض الممولون تمويل حرب احتلال العراق من خلال رفضهم اعادة تمويل الحملة الانتخابية لبوش الاب.

هُزم بوش الاب في الانتخابات لعام اثنين وتسعين وتسعمائة والف وهو العام الذي شهد اللقاءات المحمومة لما يسمى بـ "المعارضة العراقية" بالخارج لتكون البديل الامريكي للحكم الوطني بعد احتلال العراق الذي لم يحصل بسبب هزيمة بوش الاب امام الشاب المتطلع للرئاسة بل كلنتون.. في اول ايام كلنتون بالبيت الابيض ارادت بقايا اليمين في الادارة الامريكية واعوانها في الكويت توريط كلنتون قليل الخبرة بأية مواجهة مع العراق تجعل من الصعوبة تلاقي المصالح بين الرئيس الجديد والحكومة في العراق خصوصا انه قد تسربت معلومات للصحافة تشير الى ان للسيناتور الامريكي هلاري كلنتون السيدة الاولى علاقات جيدة مع السفير العراقي السابق في واشنطن المرحوم نزار حمدون، مما يجعل الاتصال وتبادل الآراء ممكنا، لذلك تمت فبركة قصة زيارة بوش الاب الى الكويت وتعرضه لمحاولة الاغتيال، مما مكن بقايا اليمين باقناع كلنتون بضرب العراق معاقبة له على فعلته، اولا ليثبت لصدام حسين انه ليس ضعيفا، وثانيا، ليقول للشعب الامريكي انه الرجل المناسب لأنه يغلّب المصلحة الامريكية على اية مصلحة اخرى، وطبعا هذه المرة ايضا تمت تغطية العدوان ماليا من خزائن دول الخليج العربي!!

مرت دورتان كاملتان لكلنتون والعراق تحت الحصار بموجب العقوبات المفروضة من قبل مجلس الامن الدولي التابع للأمم المتحدة، ورغم كل محاولات العراق لأثبات خلوه من اسلحة الدمار الشامل لكن ادوات الامم المتحدة وما يسمى بفرق التفتيش افشلت كل تلك المحاولات باللجوء الى اساليب عدة في مقدمتها المماطلة والتسويف وهي معروفة لكل متابع لموضوع اسلحة الدمار الشامل العراقية. لم يستطع بقايا اليمين المتشدد والكيان الصهيوني باقناع كلنتون بالقيام باحتلال العراق، على الرغم من ان كلنتون وجه اكثر عدوان على العراق، لكنها لم تصل الى قرار الحرب واحتلال العراق. جاءت نهاية عام الفين لتشهد التحول الذي كان ينتظره اليمين المتشدد لأكثر من عقد من الزمان وهو تكملة المشروع الذي بدأه بوش الاب. بالمقابل ايران كانت مستمرة في تطوير آلتها العسكرية وجيشها الخارج مهزوما من غير رقيب حقيقي، وهذا ما لم يكن دقيقا في حسابات خطة بوش الاب الاولى.

من هو افضل شخص ينهي المشروع الذي خططه ونفذه بوش الاب، انه بوش الاب نفسه، لذلك جيئ باسوء ابنائه ثقافة واقلهم وعيا وعلما وهو بوش الابن، ليقول فقط " نعم دادي انت على حق"، فقاد بوش الاب من جديد الادارة الامريكية ليس من خلال ابنه، وانما من خلال تعيين، اولا: احد اهم اركان ادارة اليمين في عهدي رونالد ريغان وبوش الاب وهو ديك جيني نائبا للرئيس، وثانيا رفيقه الذي لا يفارقه دونالد رامسفيلد وزيرا للدفاع، وثالثا: احد الابطال المزعومين "لحرب تحرير الكويت" وهو كولن باول وزيرا للخارجية، واخيرا احد مصممي حرب النجوم الاستاذة الجامعية التي كانت تبحث في انهاء الاتحاد السوفيتي من غير حرب وهي كوانداليزا رايس مستشارة للامن القومي، وتم توزيع باقي طاقم بوش الاب من اليمين المتشدد على المناصب المهمة الاخرى، ومنهم جورج تنت، وولف ووتز، بولتين وغيرهم. قاد بوش الاب الطاقم الجديد القديم ليستعجل الخطى قبل ان يفقد الفرصة من جديد. ولا نريد ان نتحدث بلغة نظرية المؤامرة لنقول ان ادارة بوش الاب هي التي خططت لما يسمى بالهجوم على برج التجارة الدولي في نيويورك على الرغم ان هناك الكثير ليقال في ذلك، لكن الذي نقوله ان ادارة بوش الاب، وهنا اؤكد على تسميتها ادارة بوش الاب، لأنها عمليا كذلك، سارعت باتخاذ الخطوات لأحتلال العراق وافغانستان، وليس افغانستان والعراق، فالهدف رقم واحد هو العراق وليس افغانستان كما هو مفهوم من تسلسل ما جاء في هذه الوريقات، ولكن لن يمكنهم ان يخترعوا رابطا قويا وموضوعيا بين العراق وعملية الاعتداء على البرجين لما للعراق من مواقف معروفة ضد التطرف اولا، كما ان مخابرات الدولة القوية في العراق تجعل من محاولة الربط تلك ضربا من الخيال، ومن الامور التي دفعت ادارة بوش الاب الى التعامل مع الحالة الافغانية قبل العراق هي انها لم ترد ان يكون واضحا جدا انها ذاهبة الى منابع النفط لتنهي المشروع الذي تأجل قبل عقد من الزمان، حتى يتسنى لها تسويقه بالطريقة المناسبة للعالم على نحو عام والى المنطقة على نحو اخص. هكذا ذهبت امريكا تحت غطاء اممي لأحتلال افغانستان ذلك البلد الذي لا يعرف شعبه ماذا حدث تحديدا في نيوروك، فكان ضحية رغبة بوش الاب واليمين المتشدد للوصول الى منابع النفط في البصرة وكركوك. فكانت الخطوة التي تليها هي احتلال العراق، هنا واجهت الامريكيين صعوبات في الوصول الى قرار اممي لأحتلال العراق واسقاط نظامه الوطني وابداله بالمجموعة التي لملمها بوش الاب من مزابل اوربا وامريكا الشمالية، فكان القرار سريعا باحتلال العراق مستعينا بالحلفاء القدماء من اجل انهاء المشروع الذي بدأه ومن خلال تجربته فانه لا يضمن انه سيحصل على فرصة دورة انتخابية اخرى لتحقيق الهدف. فاحتلت امريكا العراق في التاسع من نيسان الفين وثلاثة بعد اثنتي عشر عاما تماما من احتلال الكويت، ساقت الادارة الامريكية من اجل الشروع باحتلال العراق الكثير من الاكاذيب ابتداءا من قدرة العراق على انتاج السلاح النووي والبايولوجي، ومحاولة الربط بين القاعدة والعراق من خلال تسريب معلومات كاذبة عن علاقة بين السفير العراقي في انقره السيد فاروق حجازي الاسير حاليا في سجون الاحتلال الامريكي مع احد اسماء المطلوبين في قضية الاعتداء على برج التجارة الدولي، والتي اثبتت هي الاخرى بطلانها كما حال التهمه الاولى التي لم تجد قوات الاحتلال اي اثر لأي سلاح نووي او بايولوجي او كيمياوي في العراق بعد احتلاله. جاءت الولايات المتحدة ومعها مطاياها لتقلدهم خزي استلام سلطة تحت بساطيل المستعمر الامريكي. فقاد العراقيون مقاومة جبارة كما قاد الافغان ايضا مقاومة مشرفة ضد الاستعمار مع فارق مهم بين المقاومتين، ان المقاومة في افغانستان تحتمي بالجبال وتصلها اسلحة واموال من خلال قبائل البشتون الافغانية الباكستانية المنتشرة على الجبال الحدودية بين البلدين مما يتعذر على حتى القوى العظمى الولوج في تلك الجبال واختراق حصونها، اما المقاومة العراقية الباسلة فايران تحاربها في الوسط و الجنوب والحزبين العميلين في الشمال والدول العربية مغلقة ضد كل ما له علاقة بمقاومة الاحتلال الا النزر اليسير. خرب الامريكيون العراق ومارسوا ابشع سياساتهم الاستعمارية الاجرامية. بدأت سياساتهم تتخبط في العراق مع تنامي قوة المقاومة العراقية وضعف المحتل واذنابه وعملائه. والمفارقة المهمة هنا التي توضح مدى اختلاف التجربتين في افغانستان والعراق، وهي انه على الرغم من ان السلطات القانونية الامريكية وبمساعدة فنية من عدد من دول العالم استطاعت اثبات العلاقة بين القاعدة وطالبان وما حدث في نيويورك الا ان عدد القوات الامريكية هناك لا يتجاوز ستين الفا، في حين ان العراق لم يثبت عليه اي من التهم الامريكية وان الجميع اعترف بخطأ اتخاذ قرار الحرب على العراق وان القوات الامريكية احتلت العراق من دون تفويض دولي على عكس وجود القوات الامريكية في افغانستان، لكن القوات الامريكية في العراق تتجاوز المائة والثلاثين الفا فضلا عن اكثر من مائة وخمسين الفا اخرى من عناصر الشركات الامنية. والاكثر مفارقة ان الامريكان يرعون اليوم مباحثات بين حكومة كرزاي و طالبان، في حين ان ذلك لم يحدث في العراق، ببساطة لأن ادارة بوش الاب تعلم ان الهدف النهائي ليس افغانستان البته، وانما العراق وليس غير العراق.

استطاع اليمين المتشدد تجديد الولاية لبوش الابن الذي نافس جون كيري السيناتور الديمقراطي وحصل على فارق ضئيل جدا ضده كما حدث تماما خلال دورته الاولى ضد آل غور والتي اثارت نتائجها الكثير من الشبهات.

ازدادت الخسائر الامريكية، آلاف القتلى ومئات الاف الجرحى والمعاقين، عشرات الالوف من حالات الفرار من الخدمة العسكرية، الاف من حالات الاغتصاب لجنديات امريكيات في العراق من قبل زملائهم الجنود الامريكيين. انتشار امراض غريبة بين صفوف جنودهم، والاكثر اهمية انتشار الامراض النفسية بين صفوف الجنود الامريكيين. استمرار تدهور الوضع الاقتصادي وازدياد الدين العام الداخلي بسبب نفقات الحرب التي تجاوزت اثني عشر مليار دولار شهريا، كل ذلك قاد الى حالة عدم رضا في الشارع الامريكي تحولت الى حالة سخط واضحة دفعت البعض للتخلي عن مواقفه بين الساسة الامريكان فانسحب كولن باول واطيح باخرين مثل رامزفيلد وتنت وبولتين وغيرهم، وبدأت تتساقط اوراق ادارة بوش الاب لتكشف عن سوأته وبدأ الاستعانة باناس لم يعرفوا بتطرفهم من اجل الموازنة والسيطرة على السخط الشعبي الداخلي، فكانت كل الامور في الولايات المتحدة تشير الى الحاجة للتغيير ليتخلص الناس من كابوس العراق واعادة القوات الى امريكا. المرشح الوحيد من الجمهوريين والديمقراطيين الذي رفع راية الانسحاب من العراق كان باراك اوباما، لم يملك اوباما غير تلك الميزة، فهو اسود ومحضور عليه ان يكون رئيسا، والتجارب السابقة معروفة جيسي جاكسون وكولن باول وغيرهم، وهو من اصل مسلم وهذا غير مسموح به مطلقا، لكنه لديه تفاحة الحياة وهي وعد الخروج من العراق. حاول الجمهوريون ان يفتحوا عليه ابواب جهنم السياسية من خلال افتعال او كشف قضايا لو كان باراك قد رشح للرئاسة في وقت آخر لتم سحقه من المؤسسة المالية البيضاء، مرة عمته المقيمة في الولايات المتحدة بصورة غير شرعية، ومرة اسمه الثاني الذي يدل على اصله المسلم، وقربه وعلاقته برجل دين اسود متطرف وعدم خبرته بالسياسة وغير ذلك لكنه لا زال يحمل تفاحة الحياة ومصر عليها. تغلب على باقي المرشحين من الحزب الديمقراطي ثم تغلب على جون مكاين بنسبة كبيرة على الرغم من تحول المناخ الانتخابي من الحرب على العراق الى الازمة الاقتصادية التي فرضت نفسها، لكن اوباما عاد ليقول للناس لولا الحرب على العراق لكان وضع امريكا الاقتصادي افضل، حاول الاعلام تمييع قضية العراق وابدالها بالازمة الاقتصادية، لكن الناس في امريكا ما زالوا يرون العراق العامل الحاسم.
فاز بارك اوباما بمقعد الرئاسة بالبيت الابيض وفاز الديمقراطيون باغلبية مهمة في مجلس الشيوخ والبرلمان معا، واصبح سهلا عليهم قيادة المؤسستين الشرعيتين واتخاذ القرارات ودعم الرئيس في قراراته. فماذا بقي، فقط ان يجلس مع مستشاريه ومعاونيه ليتخذ قرار الانسحاب من العراق بعد تسنمه لمنصبه في كانون الثاني المقبل. فهل يفعلها اوباما؟ على اوباما لكي يحافظ على مقعده الجديد ان يبدل اقفال البيت الابيض بعد خروج الجمهوريين، والا سيعود الجمهوريون من الشباك وحينها لن يستطيع الفكاك منهم، وهو يعلم اذا لم يحقق اوباما رغبة الناخبين بالانسحاب من العراق لن يستطيع ان يقف امامهم في نوفمبر 2012 طالبا اعادة انتخابه للرئاسة.. اكيد انه يعلم ذلك جيدا. وانه لن يغلب في ان يجد حلا لأيران، اؤكد ذلك.

لقد فشل بوش الاب مرة اخرى في الاحتفاظ بالعراق وبأباره النفطية، وهذه المرة بفعل المقاومة العراقية الباسلة التي حولت احلامه الى كوابيس تطل يوميا على كل جندي او قائد امريكي في العراق واهلهم بعيدا في الولايات المتحدة. ولكن هذا الفشل ليس كالاول، فقد جلب هذا الفشل التغيير الى الولايات المتحدة والعالم، اول رئيس اسود في بلد يسيطر عليه البيض، اول رئيس امريكي لا يخفي صلته بالاسلام، بداية افول القوة الامريكية التي لا تقهر، على امريكا ان تتعامل مع حقيقة وجود قوى عظمى في العالم لا يمكن تجاوزها كما فعل بوش الاب في عهد ابنه عندما ذهب الى حرب العراق من دون تفويض دولي.

واخيرا ما ذا بقي من احتلال العراق، انظرو اين هي الان القوات البولندية والبلغارية والهنغارية والاسبانية والاسترالية والكورية والايطالية وغيرها من التي شاركت في احتلال العراق، ماذا بقي من التحالف الشيطاني الذي غزا العراق، الف وخمسمائة بريطاني والالاف من الامريكيين الذين قررت شعوبهم الامريكية اختيار الرئيس الذي سيسحبهم اسرع من غيره.

عفيه صدامية للمقاومة التي اذاقت المحتل شر الهوان
عفية صدامية للمقاومة التي غيرت تاريخ اميركا
عفية صدامية للمقاومة العراقية التي اعادت للسود حقوقهم في امريكا
عفية صدامية لكل من قاتل ويقاتل المحتل بالبندقية والقلم
عفية صدامية للمقاومة العراقية التي اعادت لطالبي الحرية في العالم املهم.

في عليين شهداء العراق وفلسطين
موعدنا ساحة الاحتفالات الكبرى ببغداد المنتصرة بقوة الله

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار