الاثنين، أكتوبر 20، 2008

إيران تساوم أوباما والبضاعة هي العراق


شبكة البصرة

بقلم : بدر الدين كاشف الغطاء

في أطار الشدّ والجذب المحتدم بين المحتلّين الأمريكي والإيراني،عرضت إيران على (الشيطان الأكبر) مقترحا يخفف من وطأة هزيمته في العراق ويسهّل وراثتها له، وأدناه التفاصيل :

1 - علمنا من أوساط فريق حملة المرشح الديمقراطي أوباما في واشنطن أن إيران وجهت الى أوباما ومساعديه رسالة مفادها أن إقرار الإتفاقية الأمنية قبل الإنتخابات الأمريكية سيكون نصرا لبوش وسيعزز رصيد الحزب الجمهوري ومرشحه السيناتور ماكين في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في الرابع من تشرين الثاني، وأن إيران مستعدة لتأجيل إبرام الإتفاقية الأمنية الى ما بعد الإنتخابات، ومن ثم تقديمها على طبق من ذهب الى الرئيس المقبل أوباما، وأن تلك ستكون بادرة حسن نية تقدمها إيران وتأمل أن يتلوها إتفاق بينها وبين الإدارة الديمقراطية الجديدة برئاسة أوباما تقوم بموجبه إيران بمساعدة أمريكا على خروج مشرف من العراق كما ستعمل على القضاء النهائي على تنظيم القاعدة مقابل أن تعترف أمريكا لإيران بدور إقليمي وبالذات في المنطقة الممتدة من جنوب تركيا الى مضيق هرمز.

ولحد الآن لم يعقّب مسؤولو حملة أوباما على هذا العرض، لكن بعض الصحف الأمريكية سرّبت خبر رغبة أوباما عقد الإتفاقية الأمنية بعد الإنتخابات.

2 - سبق لإيران أن عرضت نفس الصفقة تقريبا عندما إلتقى ممثلوها سرا مع رئيس حملة رونالد ريجان الانتخابية، ويليام كايسي، في ثلاثة لقاءات سريّة جرت في مدريد وباريس في صيف وخريف عام 1980. وشارك في لقاء باريس في تشرين الأول 1980 مدير وكالة المخابرات الأمريكية السابق جورج بوش الأب. وخلال هذه اللقاءات عرضت القيادة الإيرانية على ممثلي المرشح الجمهوري رونالد ريجان تأجيل الإفراج عن 52 رهينة من موظفي السفارة الأمريكية المحتجزين في طهران إلى ما بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية، من أجل إضعاف فرص إعادة إنتخاب الرئيس جيمي كارتر وزيادة فرص إنتخاب المرشح الجمهوري رونالد ريغان، وفي مقابل ذلك طلبت تزويدها بالأسلحة والأعتدة لإدامة حربها على العراق.

وتمت الصفقة، وكان إستمرار إحتجاز الرهائن الأمريكان سببا في هزيمة الرئيس كارتر وفوز رونالد ريغان، وقد إعترف مسؤولون إيرانيون من بينهم وزير الخارجية الإيراني آنذاك قطب زاده بصفقة تأخير الإفراج عن الرهائن الأمريكيين المحتجزين في طهران الى ما بعد الإنتخابات. وبعد فوز ريغان في انتخابات الرئاسة، تم التوصل في مطلع عام 1981 لاتفاق في لندن، أفرجت إيران بموجبه عن رهائن السفارة الأمريكية، وزودت الولايات المتحدة الجيش الإيراني بالسلاح وقطع الغيار والعتاد، وتولى تنظيم شحنات الأسلحة الكولونيل دومكان من الأركان العامة الإيرانية والكولونيل ياكوس مارفيدي من جهاز الموساد "لإسرائيلي.

وبعد هذه الصفقة جاءت صفقة "إيران غيت" أو "إيران كونترا" عام 1985 في عهد الرئيس الأمريكي "ريجان" أيضا، حيث زودت الولايات المتحدة الأمريكية إيران، بواسطة إسرائيل، بأسلحة متقدمة منها صواريخ تاو. وتولت إسرائيل شحن الأسلحة من مخازنها، وجرى تحويل ثمن الصفقة، عبر مصرف سويسري، إلى متمردي الكونترا الذين يحاربون حكومة نيكاراغوا الشرعية، وقامت إيران، من جانبها، بالإفراج عن مواطنين أمريكان احتجزتهم ميليشيات طائفية تابعة لها في لبنان. وبلغت القيمة الإجمالية للأسلحة التي تم تسليمها إلى إيران 82 مليون دولار.

ثم جاءت صفقة (ديكويلار) عام 1991 حيث أمرت أمريكا الأمين العام للأمم المتحدة خافير بيريز ديكويلار بإصدار بيان يتهم العراق بالمسؤولية عن شن الحرب على إيران مقابل إصدار إيران أمرها الى عماد مغنية وحزب الله بإطلاق سراح ما تبقى من الرهائن الغربيين في لبنان.

3 – وإتساقا مع هذه السوابق عرضت إيران صفقتها الجديدة على أوباما، وقامت، من دون أن تنتظر رده على عرضها، بتوجيه عملائها في العراق لمعارضة توقيع الإتفاقية الأمنية.ووزعت إيران الأدوار بين هؤلاء العملاء. فالمالكي لا يستطيع معارضة الإتفاقية، لإن نيغروبونتي هدده بتدمير (العملية السياسية) وإعادته الى دمشق بائعا للمحابس والسبح، وبالمقابل، فإن الأحزاب الطائفية التي لها قدم في (العملية السياسية) وقدم خارجها، كالصدريين والفضيلة وبعض عملاء إيران في جبهة التوافق، أعلنوا معارضتهم الإتفاقية بصراحة ورفعوا شعار (الدفاع عن سيادة العراق). ونفس توزيع الأدوار حصل مع المرجعيات الطائفية، فمنها من أحال الأمر الى الحكومة ومجلس النواب، كما فعل السيستاني، ومنها من أعلن أن الإتفاقية مخالفة للشرع لإنها تعطي للكفار سلطة على المسلمين كما فعل صادق الشيرازي. كما جرى توزيع الأدوار بين خطباء الجمعة، فجلال الصغير تحدث عن إيجابيات الإتفاقية وحذر من عودة البعثيين، بينما قال صدر الدين القبانجي إن موافقة البرلمان على الإتفاقية لا تكفي لتمريرها ويجب عرضها على الإستفتاء العام(أنظر خطبتهما يوم الجمعة 17/10/2008).

4 - إن هذه الوقائع تشير بوضوح الى إن حكام إيران يوغلون في نهجهم العدواني الغادر والمنافق في العراق، ويساومون (الشيطان الأكبر) على حساب حقوق ومصالح شعب العراق، وعلى حساب المباديء والقيم الي تحكم العلاقات بين الدول، ولا نتحدث عن مباديء الإسلام فهم الأبعد عنها.

5 - ولكي لا ينخدع البعض بمواقف من يعارض الإتفاقية الأمنية من عملاء إيران، لا بد من الإشارة الى حقيقة جوهرية هي أن الإتفاقية ليست معروضة على دولة مستقلة حتى يتفاخر من يرفضها بإنه وطني. إنها معروضة على دولة محتلة وهي لا تتضمن غير تغيير شكل الإحتلال وبقاء جوهره، لذا فإن من يعارضون الإتفاقية ويقبلون بالإحتلال بشكله الحالي إنما (يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون).إن الإتفاقية هي جزء من كل هو الإحتلال، ومن يرفضها بداعي الوطنية مطلوب منه أن يرفض الإحتلال ومؤسساته وتشريعاته ويطالب بالإنسحاب الفوري للمحتل ويحمّله، وكل من ساعده، المسؤولية عن جرائم الحرب وتعويض شعب العراق، وأن يعلن إنضمامه ودعمه للمقاومة الوطنية لتحرير العراق.

6 - إنه لأمر مثير للسخرية أن يعارض الإتفاقية، بدعوى الوطنية، عضو في البرلمان المنشأ في ظل الإحتلال، بينما هو جزء من مشروع الإحتلال. إن من يساهم في مشروع الإحتلال غير مؤهل للحديث عن الحرية وعن السيادة إلاّ إذا تبرّأ الى الله من مشروع الإحتلال كله وإنضمّ الى المقاومة الوطنية كما فعل الشيخ عبد الناصر الجنابي.

7 - وهناك أمر آخر جدير بالإنتباه، وهو أن معارضي الإتفاقية من سدنة الإحتلال يبررون معارضتهم بمسائل محددة وهي حصانة الجنود الأمريكيين والسقف الزمني لبقاء القوات وحق الجانب العراقي في التأكد مما تستورده وتصدره القوات الأمريكية، ومواضيع ثانوية أخرى لا تمس جوهر وجود قوات الإحتلال. وحتى لو فرضنا موافقة الأمريكان على تضمين الإتفاقية كل هذه الأمور، فتبقى الإتفاقية عملا من أعمال الخيانة العظمى وإعترافا عمليا بالغزو والإحتلال الأمريكي للعراق وإعفاءا للمحتل من أية تبعات قانونية نتيجة هذا الإحتلال غير المشروع، وتفريطا بحقوق ضحايا الغزو والإحتلال الأمريكي للعراق، وهي حقوق ثبتها القانون الدولي ولا تسقط بالتقادم ولا يحق لكائن من كان أن يتنازل عنها أو يفرط بها نيابة عن الضحايا.

8 – إيران ولاية الفقية دولة تحكمها نظرية باطنية متخلفة قائمة على التآمر والإرهاب والغدر. تعاونت إيران وسهلت الغزو والاحتلال الامريكي للعراق وإستغلت تهاوي المحتل الأمريكي تحت ضربات المقاومة الباسلة لتنشر نفوذها في العراق من خلال الهيمنة على المؤسسات التي أستحدثها المحتل من حكومة وبرلمان وقضاء وجيش وشرطة ومؤسسات مالية، واشاعت الفكر الطائفي والبدع من أجل ضرب وحدة العراقيين وتمزيق وحدة المسلمين بشكل عام. ويقوم عملاء إيران بمحاربة المقاومة االوطنية العراقية وكل المناهضين للاحتلال الأمريكي، وسجلّ إيران يكشف حقيقتها، فهي لا تحارب الشياطين، ايا كانت مقاساتهم، بل تتعاون معهم على الإثم والعدوان.

9 - لقد أدركت المقاومة الوطنية الباسلة ترابط وخطورة الاحتلالين الأمريكي والإيراني وأنهما وجهان لعملة واحدة. وإذا كان الإحتلال الأمريكي في طريقه للهزيمة المطلقة بفعل ضربات المقاومة العراقية، فإن الإحتلال الإيراني هو الآخر في طريقه للهزيمة المطلقة بعد ان كشف شعب العراق مطامع وغدر وخيانة وتخلف الفكر الطائفي المقيت الذي تسللوا تحت غطاءه، والذي جلب للعراق كل هذه الكوارث.

والله المستعان

بغداد 18/10/2008

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

حلبجة.. الحقيقة الحاضرة الغائبة

إقرأ في رابطة عراق الأحرار